يمكن القول إن أهم رسالة سامية قد تؤديها لنا الأفلام السينمائية و الوثائقية أو المسلسلات التلفزيونية الملتزمة، إنها تسجل لنا واقع نعيشه فتكون مرءاة حقيقية لمجتمعنا نؤشر فيه سلبيات نحاول معالجتها أو التركيز على ايجابيات ندعمها ونزيد مساحة تأثيرها، إضافة إلى إنها تنقل للأجيال المتعاقبة الإرث التاريخي للشعوب وتسجل تفاصيل الأحداث والمواقف لرجال وأبطال الأمم.
ومع أولى لحظات سقوط نظام البعث الصدامي عام 2003، كان الأمل الكبير لدى الكثير من المثقفين والحالمين بعراق جديد، بان تكون هذه الجزئية المهمة داخل الواقع الثقافي والفني العراقي الأثر الكبير في تحقيق تلك الأهداف. فكان الحديث والحلم عن إنتاج أفلام سينمائية تحكي للأجيال وللعالم اجمع بطولات العراقيين في التصدي ومقاومة أقسى نظام دكتاتوري عرفته الإنسانية، فكنا نحلم بفلم خاص عن انتفاضة صفر، وفلم أخر عن الانتفاضة الشعبانية، وأفلام ومسلسلات تسرد تاريخ ومواقف رجال العراق الحقيقيين التي حاولت الماكينة الإعلامية لنظام البعث تشويهها وإخفاء دورها ومواقفها سواء على الصعيد الديني أو الاجتماعي والعشائري او الثقافي والأدبي والسياسي، لكي تبقى تلك البطولات راسخة في أذهان الأجيال ويحكيها الآباء للأحفاد.
فالكثير منا قد لا يكون قرأ الكثير من الكتب والمراجع عن دور ومواقف الحمزة بن عبد المطلب عم الرسول الأكرم (ص)، لكننا وعينا وفهمنا هذا الدور من خلال تأثير دور الحمزة في فلم (الرسالة)، وأيضا الكثير منا قد لا يكون قرأ أو أبحر في ثورة المختار لكن العديد من سفننا ذهبت بعيدا في محيطات هذه الثورة وأهدافها وأبعادها بفضل المسلسل التلفزيوني الذي تم إنتاجه.
ولنفس السبب والهدف، كانت الرغبة والحلم بإنتاج أفلام سينمائية ومسلسلات على هذا المستوى لتحقيق هذا التأثير والنجاح.
ولكنني مع ذكرى استشهاد سماحة السيد محمد باقر الصدر (قده) وأخته الشهيدة الطاهرة بنت الهدى (قده)، تفاجئت وصدمت عندما وجدت إحدى القنوات العراقية تعرض فلم عن حياة الشهيد الصدر (قده) بسيناريو بائس وإخراج أكثر بؤسا.
والصدمة الكبرى عندما رأيت ممثلة تؤدي دور الشهيدة بنت الهدى ولا اعتقد انها قرأت شيئا عن عظمة ودور الشهيدة بنت الهدى وعفتها، وممثل اشتهر بين المجتمع العراقي باداءه شخصية مجنون (مخبل) في إحدى المسلسلات العراقية يؤدي دور الشهيد السعيد محمد باقر الصدر (قده).
فالشهيد الصدر وثورته تستحق منا ان نسطر حروفها بالذهب ونحكيها للأجيال بأحدث أساليب العصر وأدواته، لا أن نسئ لها بهكذا أعمال.
كلي أمل ورجاء أن تقوم القناة الفضائية التي أنتجت هذا الفلم بعدم عرضه مجددا وبصورة قطعية، ويكون أفضل لو قامت بإتلاف النسخة الأصلية لها حتى نضمن عدم عرضه من الآخرين أيضا.
وان نبدأ من الآن، وان يكون مشروعا ترعاه الدولة، بإنتاج فلم عالمي يحكي للعالم عظمة هذه الشخصية التاريخية وعظمة ثورته الخالدة.
https://telegram.me/buratha