كشف عضو لجنة النزاهة في البرلمان العراقي، النائب عادل نوري في مقابلة تلفزيونية، إن "قائد القوات البرية في الجيش العراقي السابق علي غيدان، أقرّ خلال التحقيق معه حول أسباب سقوط الموصل، بأنهم انسحبوا من محافظة نينوى بأمر من القائد العام للقوات المسلحة آنذاك نوري المالكي". فماذا أصدر المالكي ذلك الأمر ولماذا سمح لتنظيم داعش الإرهابي أحتلال ثلث مساحة العراق, وارتكاب جرائم يقل نظيرها في التاريخ؟
لايخلو تفسير أمر الإنسحاب من الموصل والذي تبعه سقوط أجزاء واسعة من أربع محافظات عراقية, من امرين , أولهما انه انسحاب تكتيكي لأجل إستجماع القوى ومن ثم مهاجمة التنظيم, او انه أمر المقصود منه ترك التنظيم يحتل مدينة الموصل ولأسباب سنفصلها لاحقا. وفي كلا الحالتين فإن مسؤولية ماحصل تقع على عاتق المالكي.
واما الإحتمال الأول الا وهو الإنسحاب التكتيكي فيبدو مستبعدا, لأن الهجوم الذي شنه التنظيم على المدينة ليس كبيرا الى الحد الذي تنهزم امامه فرقتين عسكرتين وفرقة شرطة متواجدة في المحافظة ومجهزة بأفضل انواع الأسلحة. فأفراد تنظيم داعش مسلحين بأسلحة خفيفة كما وان تعدادهم وفقا لأفضل التقديرات يبلغ 3000 مقاتل, لا يضاهي عدد القوات العسكرية المتواجدة في المحافظة, ولذا فلامعنى للإنسحاب التكتيكي بل إن صمود القوات العسكرية العراقية كفيل بدحر التنظيم وكما فعلت في مدينة سامراء قبل أيام من إحتلال الموصل.
الا ان اوامر الإنسحاب التي صدرت الى القادة العسكريين الذين توجهوا نحو اقليم كردستان ادى الى انهيار القوات العسكرية العراقية التي هرب معظم افرادها. وقد كشف لي أحد المقاتلين في صفوفها وهو من الجنوب العراقي أن هروب الضباط دفعنا الى ترك أسلحتنا والفرار من ساحة المعركة. هذا من ناحية ومن ناحية اخرى فإن كان المالكي يعول على ارسال تعزيزات ,فإن الأيام التي أعقبت سقوط الموصل أثبتت عدم وجود جيش عراقي, اذا وصل تنظيم داعش الى مشارف العاصمة العراقية بغداد في بضع ايام قلائل وبلا مقاومة تذكر, ونحن هنا امام إحتمالين أولهما أن المالكي لاعلم له بعدم وجود جيش عراقي حقيقي واكتشف ان الجيش الذي اعده لمدة 8 سنوات كان فضائيا كما كشفت الحقائق فيما بعد, أو أنه كان يعلم وتلك مصيبة مابعدها مصيبة.
وفي كلا الحالتين فإن هذا الإحتمال يعكس ضعفا وخيانة في اداء القائد العام للقوات المسلحة وخطأ في تقديره وهو خطأ استراتيجي نظرا لتداعياته وابرزها سقوط ثلث العراق بيد التنظيم وسفك دماء آلاف العراقيين وسبي آلاف النساء وتدمير العديد من البلدات.
وأما إحتمال إصدار المالكي لأوامر الإنسحاب بقصد السماح للتنظيم باحتلال المدينة ومعاقبة اهلها المعارضين له, فهو الآخر إن صح فإنه يعتبر جريمة وكارثة وخيانة بكافة المقاييس, فمن يستعين بشكل غير مباشر بالقوى الأجنبية وخاصة الإرهابية لتصفية حسابات داخلية, يكون قد تجرد من جميع القيم الإنسانية.
إن قرار المالكي بسحب قواته من مدينة الموصل وبغض النظر عن دوافعه, كان الشرارة التي احرقت العراق وأعادته عقودا الى الوراء , فتنظيم مايسمى بالدولة الإسلامية أصبح اليوم امرا واقعا وهو يحكم مساحات واسعة من أراضي العراق وسوريا أكثر من مساحة بريطانيا, وهو يسيطر اليوم على العديد من آبار النفط في العراق وسوريا, ويعيش في كنفه 9 ملايين إنسان فضلا عن آلاف المقاتلين الأجانب. كما ولم تعد آثار سقوط الموصل تقتصر على العراق بل امتدت لتشمل المنطقة بأكملها.
ولذا فإن قرار المالكي بالإنسحاب من الموصل جريمة بحق العراق وشعوب المنطقة وبحق الإنسانية عندما توفر السبل لتمدد تنظيم وحشي معاد للإنسانية. لقد خان المالكي الأمانة مرتين اولاهما عندما أصدر امر الإنسحاب وثانيهما عندما فشل في اعداد جيش يدافع عن العراق بالرغم من إنفاقه لمبلغ 200 مليار دولار على الأمن والدفاع ذهب معظمها الى جيوب حيتان الفساد في العراق.
إن دماء العراقيين التي سالت ونسائهم التي اغتصبت وسيادتهم التي انتقصت وبلادهم التي ضاعت ومستقبلهم الذي أصبح مجهولا يتحمل مسؤوليتها الفاشل والخائن نوري المالكي الذي لا يساوي ذرة تراب أمام دماء الشهداء والنساء السبايا, فمثل هذا الحثالة الذي باع البلد وكان همه الأول والأخير السرقة والبقاء أطول مدة ممكنة في كرسي الحكم, لايستحق الا الإعدام وإنه لعار مابعده عار أن يظل ولحد الساعة أمينا عاما لحزب الدعوة الذي يدعي انه اسلامي , وهو يثبت وبمالايدع مجالا للشك ان حزب الدعوة شريك له في خيانته وفي جرائمه تلك, اذ لاهم له سوى نهب ثروات العراق ومنذ أيام الإنتفاضة الشعبانية.
https://telegram.me/buratha