عباس الكتبي
قال تعالى:(مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا).
ألا أيّها الموت الذي هو قاصدي .. أرحني فقد أفنيت كل خليلِ .. أراك بصيراً بالذين أحبهم .. كأنّك تنحو نحوهم بدليلِ.
أبّن أمير المؤمنين"عليه السلام"بهذه الأبيات، الصحابي الجليل عمار بن ياسر"رض"،يوم أستشهد في معركة صفين، إذ جاءه إلى مصرعه، وجلس عنده، ووضع رأسه في حجره، ثم حمله، وجعل يمسح الدم والتراب عن وجهه، وهو يقول:
وما ظبيّة تسبي القلوب بطرفها .. إذا ألتفتت خلنّا بأجفانها سحراً .. يا حسنَ ممن كلّل السيف وجهه دماً .. في سبيل الله حتى قضى صبرا. ً
يقول الإمام الصادق"عليه السلام"،عن أبيه، عن جده عليه السلام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن جبرئيل عليه السلام:أخبرني بأمر فقرت به عيني وفرح به قلبي، قال: يا محمد من غزا غزوة في سبيل الله من أمتك فما أصابته قطرة من السماء أو صداع إلا كانت له شهادة يوم القيامة.
الشهيد السعيد; صالح جبر مشري البخاتي الموسوي، من سكنة محافظة ميسان، أعلن معارضته ومواجهته للنظام البعثي الدكتاتوري، وهو في سن الخامسة عشرة، بعدما أعلنها المرجع الديني الكبير، الشهيد السعيد محمد باقر الصدر"قده"،وبعد كر وفر، ومضايقات من قبل النظام البعثي، هاجر وطنه قسراً مع عائلته صوب الجمهورية الأسلامية، ايران.
لم يسكن فنادق طهران الفاخرة، ولم يلتذ بمشاهدة جنائن أصفهان، بل قضى حياته ساكناً في الأهوار، مجاهداً صابراً، حامل لواء الكفاح المسلح، كتب عليه احدى الحسنيين، أما النصر أو الشهادة، ضد الطاغية صدام وأزلامه، لخلاص العراقيين من ظلمه وجوره.
كان المسؤول الأمني والاستخباراتي في حركة حزب الله في العراق ونائب الأمين العام في هيئتها القيادية، وكان على تعاون وثيق مع فيلق بدر وباي فصائل المقاومة الإسلامية، وأشرف على عدة عمليات جهادية داخل العراق، ضد النظام البعثي، وكان من المرضيين عند شهيد المحراب، السيد محمد باقر الحكيم"قده".
عاد إلى الوطن بعد عام 2003، وبقى صالح البخاتي كما هو، لم تغره الدنيا، وزهد فيها، ولم يلوث نفسه بالمناصب والمواقع الحكومية، كما لوثها غيره، بأسم الجهاد والمعارضة، في حين كانوا مترفين في بلدان أوربا، ويتمرغون على أفرشتهم كما يتمرغ الحمير على فراشه، هؤلاء هم الضياطرة.
صالح البخاتي; سكن في دار متواضعة في حي من أحياء ميسان الفقيرة، كان بالأمكان أن يكون مثلهم، لكنه يأبى لنفسه ذلك، فله أسوة حسنة بجده أمير المؤمنين عليه السلام، بالزهد والتواضع والاخلاص لله تعالى.
بعد فتوى الجهاد الكفائي، كان له الدور البارز والفاعل، في تشكيل وتأسيس أغلب فصائل الحشد الشعبي، وشارك في جميع المعارك والفتوحات، من اللطيفية إلى جرف النصر إلى الصقلاوية إلى ان أستشهد في الفلوجة، وكان دوره في تلك المعارك، أما مشاور أمني وعسكري، أو قائداً في الميدان، ولم يخسر أي معركة خاضها.
أحبّ الله فأحبّه، حتى قبضه إليه بأختياره، فقلده في نهاية مسيرته الجهادية وسام الشهادة، الذي لا يناله الاّ ذو حظ عظيم، فرحم الله شهيدنا السعيد، صالح البخاتي، ورزقنا الله شفاعته يوم المحشر.
بكى أمير المؤمنين"عليه السلام" بكاء الثكلى، على قتل قائد جيشه، الفارس الهمام، مالك الأشتر، حتى قال عليه السلام: مالك وما ادراك ما مالك، وهل موجود مثل مالك، لو كان من حديد لكان قيداً، ولو كان من حجر لكان صلداً، على مثله فلتبكِ البواكي.
أقول كان أمير المؤمنين حاضراً اليوم، لبكى على ولده صالح البخاتي، كما بكى على مالك، ولقال فيه كما قال له، فعلى السيد صالح البخاتي لتبكِ البواكي.
قولوا لي بربكم، لو ان قيادات الدعوة التي حكمت العراق، بدءاً من الجعفري وختاماً بالعبادي، نصبّت قياداتها الأمنية، في الداخلية والدفاع، والامن الوطني والقومي، لرجال كصالح البخاتي، هل يجروء داعش على دخول العراق، وهل تحدث أنفجارت في بغداد بين الفينة والأخرى، يذهب فيها المئات من أتباع أهل البيت عليهم السلام، لكن تباً وسحقاً للمحاصصة الحزبية، التي تترك صالح البخاتي، وتأتي بالبعثي، والمترف في اوربا لتعطيه مناصب أمنية حساسة، فلا حول ولا قوة إلاّ بالله، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، والعاقبة للمتقين. ً
https://telegram.me/buratha