حرية الفكر المنحرف، أخطر بكثير من حرية التصرف الشاذ، يمكننا معاقبة شاذاً لخطيئته، لكن يصعب علينا محاسبة جيلاً بإنحرافه،الخطيئة تعامل مع حقيقة وذات الشخص، لكن الفكر هو محاكاة( جيلاً, أو طبقة إجتماعية, أو فئة جماهيرية)، تلقي رواسب الفكر الى سواحل المستقبل، أسهل ما يجذب الفكر ويؤثر فيه، هو شعار الحرية، و مصطلح حق ألأختيار، وأخطره ما يوثق العقيدة، فإذا ما بني أساس الإنحراف بخارطة العقل، سينتهي بسقف العقيدة، وعندها ستواجه أخطر مخلوق بصفة التحيون الفكري.
سايكلوجيا(علم النفس)، تقودك أحيانا الى تقاطعات داخل جرم العقل الواحد، وهذا ما يولد إرتجاج الأوامر الفكرية المتناقضة، وفقدان ثوابت التركيز، وبالتالي عدم قابليتها على الإختيار الصحيح، ليس بالمعنى إن تكون مجرما لأنك بلا فكر، قد يجرم شخصيتك فكرك المنحرف المكتسب، وتذبح فطرتك بسكين العقيدة المنحرفة، تنبعث روائح الجريمة الفكرية، من الرغبة بها أحيانا، أو لكسب غلة سلال محصول بذرة الإنحراف، موقعك من حيث المجتمع حينها، أما ان تكون لنفسك فيعاقبك لتصرفك، أو أن تكون قائداً، فتعاقب المجتمع بجرمك.
إنقسمت السنن والقوانين، في ردع الجريمة على أساسين، أولهما "قوانيين وضعية،"أنتجتها الرسالات والكتب السماوية، وهي ما تحدد عقوبة حرية التصرف الشاذ، ثانياً"القوانيين السماوية" هي ما تحاسب جرائم الإنحراف الفكري، لإتساع رقعته الجغرافية والجماهيرية، فعندما يذنب شخص لنفسه، يقيم الحاكم او الشرع او العرف، حق العقوبة مستنبطة من وضعية القوانيين، أما عندما ينحرف مجتمع،عن عبادة الله مثلاً أو بجناية ما، كإنحراف الأقوام في زمن الأنبياء، فستكون العقوبة سماوية،لا يتدخل المصلح بتحديدها.
لغة الإستدلال الفكري، ومدلولات العقيدة، تفتقر غالباً، إلى البيئة المناسبة حتى تنمو، خاصة وإن أغلبية المجتمعات، تتقاطع في أبسط أساسيات الإستنباط والأفكار، لا يمكن أن ترغم مجتمع عبر محاكاة العقل، على إعتناق عقيدة صحيحة، إن لم تصحبها معجزة خارقة، كإستدلال تتخذه الجماهير دليل قطعي في الإدعاء، ولعل القرآن يذكر لنا، (ما بعث نبي إلا بمعجزة)، تدل على صدق دعواه، أما العقيدة المنحرفة، تنشأ بين بواطن الغلو والتطرف غالبا،وتحاكي المجتمع من حيث الأهواء والعاطفة، وهذا ما يجعلها تستغني عن الحوار الفكري.
للشيطان معاجزه، وفن محاكاة العاطفة، لكسب فكر الشخص والمجتمع، دون اللجوء الى الفكر، العاطفة التي إستهوت قوم موسى، ونفخة الهواء في مؤخرة العجل، جعلت من قوم موسى عبيداً، لعجل لن تبث به أدنى مقومات الروح، صنعته أيديهم، وعبدته عواطفهم، لا يختلف عجل السامري كثيراً،عن نفخة الإصلاح التي نفخها الشيطان، في مؤخرة الزعيم، الذهب والمجوهرات التي إنتزعها السامري، من رقاب وأيدي نساءهم، يصنع بها رباً يعبدونه، هي نفسها العاطفة، التي إنتزعها زعيم الإصلاح، ليصنع من نفسه رب يعبد.
رجل الإصلاح، الذي أنتج فكراً منحرفاً، يفتقر الى أدنى مقومات العقل والعلم، لا يمكنه موقعه المجمتعي، من إن يؤثر في فئة جماهيرية إلا من حيث تغييب الفكر وإثارة العاطفة، ومحاكاة صنوف المجتمع، على قدر ما يستهون، لكونه من سلالة يقدسها عوام الناس، لتاريخها وموروثها الديني، لم تسعفه الاكاديمية في إن يجني ثمار التعلم، واعتم بعمامة الدين عرفاً سائدا وزي تقليدي عائلي ليس إلا، غياب موسى وقلة حيلة هارون، وخوفه من أن يحدث بعصاه إنشقاق المجتمع، باعدته من أن يحاسب السامري بجناية تصرفه، وبمثل هذا أنحرف المجمتع وراء زعيم الاصلاح.
وأخيراً؛ يبقى السـؤال هو، كيف يكون الغلو والتطرف، سبب إنحراف الفكر عن الحق والصواب ؟والجواب لأنه يقود الى عدم الإعتراف بالرأي الأخر، وتكفير وتهميش فكر المحيط من حولك، وسرعان ما تجد من يتخذ العاطفة، معجزة لفرض تصديق نبوءته على الآخرين، ولا تخفى عنا شواهد الزعيم، الذي خرجت صوره على أشجار ساحة التحرير، أو نزول الوحي في خيمة الإعتصام، ومؤخراً القمر الذي إحتضن صورة الشهيد الصدر، وهذا ما بدأ به السامري، في خلق جو ملؤه السذاجة والجهل لعبادة الأوثان من جديد.
https://telegram.me/buratha