المقالات

اس الازمات.. غياب او تراجع قوى المشروع/ عادل عبد المهدي

1317 18:56:53 2016-07-12


اكثر ما يقلق في اوضاعنا –الحرجة جداً- هي ليست الحرب مع "داعش" فقط.. ولا الانقسامات.. والمظاهرات ومحاولات اقتحام الخضراء، وتعطيل مجلس النواب (الذي عاد للانعقاد)، والمشاكل والانقسامات في كردستان.. ولا بين القوى في الساحة السنية او الشيعية. فهذه التداعيات تحصل في جميع دول العالم، لكنها تواجه بحكومة لها التزماتها وقواعدها ومسؤولياتها، وبقوى لها  ثوابتها سواء اكانت مؤيدة او معارضة للحكومة.. اكثر ما يقلق هو غياب او تراجع قوى المشروع. فلا الحكومة ولا اية قوة مشاركة فيها او غائبة عنها باتت قادرة على حمل المشروع منفردة او مع غيرها، لتفكيك منطق الازمات وبناء منطق مقبول للقوى الفاعلة للتقدم بالبلاد نحو الامام والخروج من ازماتها المتكررة.
جميع الامور اعلاه مرت وتمر بها البلدان، ولكنها تتجاوزها وتنتصر عليها عندما يكون هناك قوى مقتدرة حاملة لمشروع واضح.. والمشروع هو ليس تعداد اهداف وتسطير امنيات، كأن نقول اننا نحتاج لانتخابات مبكرة، او اجراء تعديلات دستورية، او الاستقلال عن العراق كما تطالب بعض القوى، او تشكيل اقليم غربي او جنوبي كما تطالب اخرى، او القضاء على الفساد وازاحة المسؤولين غير الاكفاء والاتيان بوزراء تكنوقراط او مستقلين، او سرد المشاريع والمطالب والمقترحات الخ. المشروع هو اولاً الاهداف الممكنة وتعريف القدرات والقوى الحاملة للمشروع، وقدرتها على تفكيك معادلات الحاضر العليلة، وبناء معادلات المستقبل السليمة.. فمن هي هذه القوى اليوم؟ ذلك ان وضعنا جانباً ادعاءات كل منا انه يمثل هذه القوة وان لديه رؤية واضحة لخارطة الطريق. هذه الادعاءات تتطلب اثباتات ليصح انها حاملة المشروع، وتمنح الشعب الاطمئنان انها القوى التي ستواجه تحديات الحاضر وستنقلنا لافاق المستقبل الواعد.
بالطبع لا يمكن تصور ان هذه القوة هي احدى قوى "التحالف الكردستاني" او "التحالف الوطني" او "قوى العراقية" او "الوطنية" منفردة، او من ساحاتهم فقط.. فاذا كان الكلام عن مشروع للعراق وليس لساحة او مكون واحدة، فان جميع هذه القوى قد حدد مسبقاً، حدوده ومساحاته، بتحديد مضامينه واهتماماته الاساسية. فاية قوة من هذه القوى المحترمة مؤثر في مساحته، وقليل التأثير في بقية المساحات. مما دفع ويدفع للمطالبة بتوافق الساحات.. لكن كل المحاولات التي جرت سابقاً وتجري حالياً اظهرت وتظهر بان اشكال الشد المذهبي والقومي ما زالت اقوى من اشكال الشد الوطني. قد يختلف الامر بعد عقود او سنوات. لكننا نتكلم عن مشروع للخروج من ازمات اليوم وليس عن مشاريع محتملة قد توفر شروطها ظروفاً تختلف كلياً عن ظروفنا اليوم.
وما دامت القوى خارج العملية السياسية والانتخابية باقية على اوهامها بتمجيد النظم الدكتاتورية ودعم الارهاب والقتل والجرائم الكبرى.. وما دامت القوى السياسية الاساسية المشتركة في العملية السياسية عاجزة، رغم كل الجهود المخلصة والمثابرة لكثيرين عن التقدم بمشروع عملي بعيداً عن الشعارات والصراعات، التي يبقى جوهرها الاحتفاظ بالسلطة او تحسين المواقع فيها.. وما دام الكلام عن عراق جديد، يتم في ظل واقع تترسخ فيه موروثات وسلبيات وفلسفة وتشريعات العراق القديم، اضافة الى فوضى وضياع وعدم بناء المؤسسات واستثمار زخم العراق الجديد، فان ازمة البلاد لن تجد حلاً حقيقياً لها. فالوضع حساس، وفي مختلف الساحات، فاما ان نعي الخطورة ليأتي الحل من داخل القوى والمؤسسات القائمة، او عند الاصرار على الخطأ والبقاء في ذات المعادلات الحالية، فان الحلول ستأتي كامر واقع تفرض نفسها على الجميع.. فالحياة مستمرة بمشيئة الله، وغالباً ما تظهر الحلول المفكِكة للازمات والعابرة لها تحملها قوى جديدة تماماً، او مطعمة من قوى الحاضر والمستقبل، لكن بتضحيات وألم كبيرين.
 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك