علي فضل الله الزبيدي
كان لقصة النبي موسى والعبد الصالح الخضر(عليهما السلام)، العبرة الكبيرة في أثر الصبر، فالحكمة تتطلب من الطالب، الصبر والتعقل، لأنتظار غاية الفقيه العادل، في أي تصرف يبدر منه، ففي كثير من الأحيان، باطن الشئ ليس كظاهره، وكذلك يفعل مراجع الدين العظام، فهم أدلة العباد، عندما تطبق الظلمة على أمورنا، وبينما يريد الظالميون، أن يوهموا العالم، بأن الباطل حق، والحق غدى باطلا"، يكون للمرجعية قولا" أخر، يكشف عن تلك الأوهام، ويبين حقائق الأمور.
إن الذي لا يخفى عن كل عاقل وذو بصيرة، إن أمريكا دخلت العراق، لتحقيق مصالحها الخاصة، وزيادة أمن إسرائيل في المنطقة، ولكن الشعب العراقي ورغم إدراكهم لذلك، غضوا النظر وأوهموا أنفسهم، بأن الولايات المتحدة، عبرت البحار وجيشت الجيوش، من أجل إزالة الطاغية صدام، وإنقاذ العراقيين من ظلمه وجبروته، ولأن العراق عانى كثيرا من طغيان صدام وحزبه الكافر، إستقبل العراقيون قوات التحالف الأمريكي، في اذار عام 2003، فرحين مستبشرين بإنتهاء صفحة الظلم والجبروت الصدامي، من باب ( اللي يشوف الموت يرضى بالصخونه).
ورب سائل يسأل، ألم تكن المرجعية الدينية، تدرك مغزى الأطماع الأمريكية في العراق؟، لقد كانت المرجعية متفطنة، لغرض تواجد الأمريكان في العراق، ولكن الأدوات لم تكن مهيئة، في تلك الفترة، فشعب أنهكته الحروب المتوالية، ثم أطبق عليه الحصار الإقتصادي، الذي فتت أوصاله الإجتماعية ، وأضعف المنظومة الأخلاقية، كل تلك الظروف هيأت لها أمريكا، لذا فلو عدنا للقاعدة المنطقية،( فاعلية الفاعل وقابلية القابل)، نجد إن إعتراض المرجعية، لو حصل أثناء دخول الأمريكان عام 2003، لن يلقى مقبولية من الشعب العراقي.
إن سياسة الفوضى الخلاقة، التي مارسها الأمريكان، عند دخول العراق، خلطت الأورق وبعثرت المشهد السياسي، وأذكت الفتنة الطائفية في العراق، وأرادت من خلال ذلك، الإجهاز على روح المواطنة في العراق، وقتل التعايش السلمي بين أبناء الوطن، وشهدت تلك الحقبة، إزدياد عمليات الإغتيال، وتزايد العليات الإرهابية، في عموم مناطق العراق، وأبشعها تفجير مرقد الإمامين العسكريين ع، في 22 شبط عام 2006، ولكن العدو كان يستتر، خلف عراقيوا الجنسية، ولكن المرجع السيستاني(دام ظله), وأد الفتنة وأطفئها، وفوت الفرصة على الأمريكان.
قد يثار سؤال حول تلك الفترة، لماذا لم تصدر المرجعية، في تلك الفترة، فتوى بالجهاد العيني أو الكفائي؟، لو أفتت مرجعية النجف بالجهاد، لكان الصراع بين المسلمين أنفسهم،أي إن العراق يذهب إلى حرب أهلية طائفية، حتى يتم إستنزاف قوى العراقيين بصورة عامة، والمسلمين منهم خاصة، في تلك الفترة لم يكن العدو الحقيقي، قد دخل اللعبة بصورة علنية، إلا أن حكمة المرجعية كانت حاضرة، فتوقيت الفتوى لم يحن بعد، في حسابات المرجعية الدينية، وساعة الصفر لم يحن وقها بعد، فلم تنطوي عليها تلك الألاعيب، ومرة أخرى تنقذ العراق وأهله.
ومع حلول الشهر السادس لعام 2014، يبدو أن صبر المحتل قد نفذ، وأن تنفيذ مخططه في العراق قد تأخر كثيرا"، ولأن الفساد أخذه مأخذه، في المؤسسة الأمنية والعسكرية العراقية، دفع بأعونه من المجاميع التكفيرية، المسماة بداعش، إلى أراضي العراق، مع إنكسار تام للقوات العراقية، عبر بوابة الموصل، بعد مشاغلة مدروسة في أرض الأنبار، حتى وصلت تلك المجاميع التكفيرية وخلال يومين إلى أعتاب العاصمة بغداد، هنا إنبرت المرجعية، بعد أن تكشفت أسرار اللعبة الصهيو _أمريكية، عندها أبرق السيد السيستاني بصاعقة فتوى الجهاد الكفائي.
لقد قلبت مرجعية النجف، بهذه الفتوى، الطاولة على أعداء الإنسانية، واستطاعت أن تفشل مخطط إجرامي كبير، عم خطره العالم أجمع، فالإرهاب فايروس خطير، لا يستثني أحد، يقول العالم السني البريطاني محمد رمضان القادري، بحق فتوى الجهاد الكفائي،( إنها واجب إنساني، لأنها جاءت للدفاع عن الإنسانية جمعاء)، لقد كسرت شوكت داعش في العراق، نتيجة هذه الفتوى، وسوف ينكسر في سوريا، ويخسئ صهاينة العرب، الذين أرادوا أن يجعلوا من العراق وسوريا دولة الإرهاب داعش، لذا فأن دولة الشر، دحضت بفتوى الجهاد الكفائي.