نـــــــــزار حيدر
*نصّ الحوار الذي أجراهُ الزّميل محمود الحسناوي، في إطارِ تحقيقٍ صحفيٍّ موسّع يُنشر في عدّة وسائل إعلاميّةٍ.
السُّؤال الثّاني؛ إلى أيِّ مدىً ساهمت تصريحات وتحرّكات زعيم التيّار الصّدري السَّيّد مُقتدى الصّدر في الابتعادِ عن باقي الاطرافِ الشّيعيَّةِ؟.
الجواب؛ لقد كان آخر مسمارٍ في نعش التّحالف الوطني عندما خدع الأميركان رئيس الحكومة السابق واقنعوهُ بالابتعادِ عن التّحالف الوطني وذلك خلال زيارتهِ الى العاصمة واشنطن قُبيل الانتخابات النيابيّة قبل الاخيرة، في قصَّةٍ قد تسنح الفرصة يوماً للكشفِ عن تفاصيلها! الامر الذي شجّعهُ خوض تلك الانتخابات في قائمة إِنتخابيّة مُنفصلة أَطلق عليها اسم [ائتلاف دولة القانون].
وما زاد في تشظّي التّحالف وإصابتهِ بالشّلل شبه الكامل والرّعاش المستديم تعيين رئيسهُ [الشَّكلي] وزيراً للخارجيّة، ما اشغلهُ حتّى عن عقدِ إِجتماعاتهِ الدَّوريَّة.
والمتتبّع لتدهور العلاقة بين مكوّنات التّحالف فسيلحظ ان التيّار الصّدري ربما هو آخر من بَدأَ يفكّر لوحدهِ مُنفرداً بعيداً عن بقيّة الشّركاء، فلقد سبقهُ الى ذلك عدد من مكوّنات التّحالف كان آخر خطواتهم الانفصاليّة توقيع عددٍ منهم على (ميثاق الشّرف) الأَخير الذي عدّهُ كثيرون القشّة التي قصمت ظهر البعير، كما في المثل، والذي طفت بسببهِ الخلافات على السّطح أكثر فأَكثر.
ولذلك لم تكن تحرّكات التيّار الصّدري الاخيرة وزعيمهِ بِدعاً من حالات التمرّد والتفرّد التي أُصيب بها التّحالف، على الرّغم من كُلِّ الجدل الذي أَثارتهُ في السّاحة.
انَّ أصل مشكلة التّحالف تكمُن في العقليّة التي تحكم زعماءهُ، فقد يراهُ المرءُ كتلةً واحدةً متّحدةً، الا انّ المطّلع على تفاصيل وحيثيّات العلاقة بين مكوّناتهِ يعرف جيّداً انّهُ أَصبح الآن مصداقاً واضحاً وصارخاً لقولِ الله عز وجلّ {بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ} وقوله تعالى {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ}.
لقد تفاقمت مشاكل التّحالف وتشظّت مكوّناته يَوْمَ ان ابتعدَ قادتُهُ وزعماؤُهُ عن المرجعيّة الدّينيّة التي تمثّل المظّلة الواسعة والآمنة الوحيدة التي يمكنها ان تستوعب كلَّ أجزائهِ المتناثرة والمبعثرة، من جانبٍ، وعندما ابتعدَ عن الشّارع العراقي وتحديداً عن المكوّن الشيعي الذي يُفترض انّهُ يمثلهُ في العمليّة السّياسية ومؤسّسات الدّولة، عندما استحوذت مكوّناتهُ على كلّ شيء ولم تترك للآخرين ايَّ شيء! من جانبٍ آخر.
تخيّل انّ المرجع الاعلى يقول انّهُ قد [بحَّ صوتُهُ] من كثرة حديثهِ معهم تحديداً وتكرار إرشاداتهِ وتوجيهاتهِ وتحذيراتهِ من دون ان تترك ايّ أثرٍ لا في سلوكهِم ولا في برامجهِم ولا في اعلامهِم ولا في ايّ شَيْءٍ آخر، فهم {جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا}.
فماذا تنتظر ان يكونَ حال التّحالف ومكوّناته عندما لم يُصغِ الى صوتِ العقل والحكمة والوطنيّة؟ ويُديرُ ظهرهُ الى ارشادات وتوجيهات الشَّيبَة الوَقورة ذي الثمانينيّات من العمرِ والتي أَثبتت التّجربة والايّام انّها لم تُنافسهم لا على سُلطةٍ ولا على جاهٍ ولا على مالٍ ولا على سُمعةٍ، بل انّ كلّ ما يملكونهُ من كلّ ذلك هو بسببِ الجهد الذي بذلهُ المرجع الاعلى لتجميع شتاتهم وتنظيم صفوفهم من أَجل ان يمنحهُم زخماً من السُّمعة وقوّةً في العمل وعزيمةً في الانجاز ولكن يبدو انّ كل ذلك لم ينفع فيهم ومعهم للاسف الشّديد! حتّى لقد تحوّلوا اليوم الى ما يشبه العالة على المذهب والمرجعيّة والمكوّن!.
برأيي فانّنا مُقبلونَ على تشظٍّ أَكبر وشرخٍ أَوسع في صفوف التّحالف اذا ظلّ زعماؤهُ وقادتهُ يتعاملون بلاأُبالية مُفرَطة مع التطوّرات الخطيرة حدّ القرف والذي ينمُّ عن جهلٍ وغباءٍ، والا ماذا يعني ان لا يرَ الشّعب العراقي لحدّ الان [عِجْلٍ سَمِينٍ] واحدٍ على الأقلّ خلفَ القُضبان على الرّغم من تكرار الخطاب المرجعي وتأكيدهِ عشرات المرّات على اهمّيةً وضرورة ووجوب الضّرب بيدٍ من حديدٍ على الفاسدين واللّصوص وسرّاق المال العام؟!.
ماذا يعني ان لا يتحمّل ايّ مسؤولٍ لحدِّ الآن مسؤولية ما جرى على العراق خلال السَّنتَين الاخيرتَين عندما تمدّدت [فقاعة] الارهابيّين لتحتلّ نصف العراق، فسالت الدّماء انهاراً وأُزهقت الأرواح وانتُهكت الأعراض وتمَّ تدمير الحضارة والمدنيّة والتّاريخ وكلّ شيء؟!.
ماذا يعني ان لا يطّلع الشّعب العراقي لحدّ الآن، وبالخصوص أُسَر الضّحايا، على تفاصيل جريمة سْبايْكَر وغيرها؟!.
ماذا يعني انْ لا ينالَ جزاءهُ العادل بالإعدام لحدِّ الآن حتّى إِرهابيٌّ واحِدٌ! وانّ كلّ الذين أُعدموا لحدّ الآن او تمّ التّصديق على قرارات إعدامهِم من قِبل السيد رئيس الجمهورية هم مُدانون بجرائم منظَّمة فقط! كما أَفصحَ عن ذَلِكَ قبل يومَين الدّكتور فؤاد معصوم في لقاءٍ متلفزٍ خاصّ؟!.
ماذا يعني تسويفهُم للاصلاح الحكومي وتمييعهُ حتّى عادوا بِنَا الى نقطة الصّفر فأضاعوا الوقت والجهد والتّضحيات وتطوّرات الأشهر الاخيرة من دون أَيّة فائدةٍ؟!.
أَفلا يوجّه كلّ ذلك ضربةً في صميمِ مصداقيّة التّحالف؟ وتحديداً ما يوجّههُ التقهقر الأَخير والتَّراجع عن الاصلاح الحكومي من ضربةٍ موجِعةٍ ومؤلمةٍ لمصداقيّة التيار الصّدري وزعيمهُ الذي هيَّج الوضع العام في أَكثر الظّروف حساسيَّةً والعراق في حربٍ شرسةٍ مع الارهاب من دون نتيجةٍ ملموسةٍ؟!.
أكانت [جعجعةٌ بِلا طَحينٍ]؟! أم انّ الطحينَ في الطَّريقِ؟!.
عندما لا يُصغ التّحالف الى صوتِ العقلِ والحكمة، ويظنُّ كلّ فصيلٍ مِنْهُ انّهُ على حقٍّ دون الآخرين، وانّ زعيمهُ دون الآخرين فلتة زمانهُ! وعندما يتجاوز التّحالف صرخة الشّارع، فلا يُعيرها الاهميّة الّلازمة! فلا ينتظرنَّ احدٌ مِنْهُ موقفاً واحداً ورأياً منسجماً ورؤيةً وطنيّةً واضحةً!.
*يتبع
https://telegram.me/buratha