واثق الجابري
في مفارقة عجيبة؛ يحق لك أن تؤوسس حزباً وعمرك 25 عام، وفي ذات الوقت لا يحق لك المشاركة كمرشح بالإنتخابات؟!
تناقض بين قانون الأحزاب وقانون الإنتخابات وسن الترشيح، وكذا كثير من القوانين يُعطل بعضها الآخر.
ليست غريبة هذه المفارقة، ولا عجيب من مطب دون نهاية، وعلى سياق القوانين والصلاحيات التي تتقاطع بينها، وتصادمها الإرادات، ولا فائدة من بعض التشريعات إلاّ استهلاك الوقت وتخفيف حدة الإعتراض، وحبر على ورق ممزق على جسد شعب؛ بدأ يشعر أنها مجرد شعارات ومزايدات لا يجني منها إلاّ التحسس والتقاطع بين الواقع والتوقيع، ومزيد من البيروقراطية والروتين، وحلقة إضافية كحلقات الرقابة التي أصبحت أدوات للفساد لا عليه.
يشكل الشباب ما يقارب 60% من مجتمع 90% منه دون سن 50 عام، وهم نسبة ساحقة في المشاركات الإنتخابية وسوق العمل والفعاليات المجتمعية وتجاذب حديث السياسة والعلم، وأصابع تحدد مسار التركيبة الحكومية والتشريعية في صندوق الأقتراع، وكأنهم مرآة للعمل السياسي والأكثر طاقة ومنهم تُسجل الشعوب تاريخها وحضاراتها وإنتصاراتها.
المعادلة الخاطئة لا تسمح للشباب بالمشاركة في صناعة القرار التنفيذي والتشريعي؛ وكأن هنالك أدوات لسلب المواطنة والإنتماء من غالبية المجتمع العظمى، أو أنهم أُجَراء في وطنهم لا يستدعون إلاّ بالملمات وسوح القتال والعمل؛ ثم يقذفون خارج الأسوار لإنتظار فتات ما تلقيه الحيتان الكبيرة والذئاب المفترسة.
إن الشعوب الناهضة تعتمد أساساً على قدرات الشباب وإبداعاتهم، وتفسح لهم أوسع الأبواب للإعتماد على النفس وكسب الثقة وترسيخ المواطنة، ولها قدرة المشاركة في الخطوات الحكومية كونهم الشريحة الأكبر التي تتضرر أو تنتفع، وتحديد 30 عام للترشيح للإنتخابات وما فوق 45 عام للسلطة التنفيذية؛ إجحاف بحق الشهادات والقدرات والمقارنات مع دول كُبرى.
المفارقة أن قانون الأحزاب سمح للشباب في تشكيل الأحزاب؛ بينما منعهم قانون الإنتخابات؛ في حين أنهم يشكلون الغالبية في تحركات منظمات المجتمع الدني وسوح العمل والقتال.
في دول كثيرة فسح المجال للشباب الى تبوء مراكز مهمة، ومناهج الإدارة الحديثة والتكنلوجيا والتواصل الإجتماعي؛ صنع عند كثير من الشباب خبرات وتفاعل علمي وسياسي، ومثلما نُطالب بالإصلاحات والتكنوقراط، وإزحاحة مواقع الوكالة؛ لابد من تجديد الدماء وإشراك الشباب كحلقات فعالة بدلاً من المترهلة والفاسدة، وفي ذات الوقت لا ننسى إحترام الأعمار المتقدمة وذلك بتقديم برنامج تقاعد مبكر؛ إلاّ في بعض المفاصل التي تحتاج الى خبرات ودراسات وإختصاصات فريدة، وهذا لا يمنع من دفع الشباب للمواقع القيادية، وتفعيل دورهم بالإشتراك بالمجالس التشريعية؛ كون معظم القوانين هم المتنفع والمتضرر منها.