مرتضى ال مكي
كما هي عادتي وفي كل عام، أتشرف بخدمة زائري أبا الاحرار القادمين من جنوب العراق، في منطقة نائية تقع الى الشمال الغربي لمدينة الرفاعي الذي قارية، في موكب وحسينية المهدي الغوث، هذه السنة أنعم الله عليَ بنعمائه، حيث كان معي ولدي الصغير، أتيت به رضيعاً كي تترسخ في ذهنه معالم المسيرة المقدسة.
مشايخ اثنين يخدمون معنا، لكل منهم وضيفته، الأول مشرفاً على مجريات العمل بكل مفاصل الموكب تقريباً، فيما أهتم الآخر بالتوجيه العقائدي، فتراه محفزا للجماهير الزاحفة تارة وشاحذاً للهمم تارة أخرى، فيما يرتقي المنبر ليلاً موضحاً جملة من الأمور الفقهية.
لا اعلم السر الذي جعل لجنة الماء والمجاري في موكبنا يجهدون أنفسهم، ولا يستريحون الا في وقت صلاة الجماعة، فيما عمر صغيرهم تجاوز الخمسين عاماً، منهمكين متسارعين على انجاز أعمالهم على اتم وجه، انه سر من اسرار مسيرة الإباء.
فريق قوي منسجم يشكله شباب المطبخ، بقيادة حكيمة متزنة، لا يكلون ولا يملون عن توفير خدماتهم، حتى لو في ساعات متأخرة فيما لو طلب زائر الحسين، يقودهم شاب بعمر شاب الطف كرار غير فرار، ويحدوا بهم حب الحسين، فريق شبابي مرتكز على قاعدة (اعمل بصمت ودع عملك يتكلم)، أي انسجام يعمل به ذاك الفريق! آه لو استلهمت حكومتنا منهم ترابطهم حتما سنحصل على فريق قادر على درء الفساد وتذليل الازمات.
أبو زينب رجل اربعيني ترك اهله بلا معيل لأيام، وجاء مصارعاً لكل من ينافسه في تقديم الخدمات للزائرين، طامعاً بتقديمها جميعها! صوته الشجي وحده قادراً على اجبار الوفود للدخول! منظر جميل يرسمه أولائك الصبية الذين تكفلوا بتنظيف الاواني، ولا ينسجمون الا عند تشغيل سماعات العشق ولحن البراءة ونبرات الحاج باسم الكربلائي.
الجانب الخارجي لموكبنا يشكل لوحة عشق ممزوجة بـ (تنظفوا فإن الإسلام نظيفا)، شيوخ وشباب وبراعم كل انشغل بمهمته، ليخلقوا جواً مفعما بروعة المسير، يستيقظ الجميع مبكراً وينطلق كل ضمن برنامجه المعد مسبقاً، تكاتف وتواد، حلقات فقهية تاريخية ليلية تفعم القلوب وتنير العقول.
خلاصة القول: اجزم ان جميع المواكب لا يختلف عما جرى كونها جميعا تهدف لخدمة الطف.
https://telegram.me/buratha