عباس الكتبي
جاء في وسائل الشيعة،ج8ص428، وبحار الأنوارج75ص101:ان الامام موسى بن جعفر عليه السلام،استشار عبداً أسود له،فأثار هذا الأمر اعتراض بعض الافراد،فقال عليه السلام:((قد يفتح الله لسانه بخير)).
الشورى لغة واصطلاحاً تعني:استخراج الرأي بمراجعة البعض الى البعض، والتداول والاستعانة بأفكار الآخرين، بغية توضيح موضوع أو أمر يريد المستشير ان يتوصل إليه.
الشورى من الأسس والمباني الاجتماعية المهمة،التي تعود بآثارها الأيجابية على جميع افراد المجتمع، وهذا يعمل عليه في وقتنا الحاضر، من خلال أشراك الآخرين في اتخاذ القرار، كالعمل على تكوين المجالس وانتخاب الممثلين.
النظام الإسلامي،كان من الانظمة السبّاقة في العمل على مبدأ الشورى،في الأمور التي لم يرد فيها حكماً قطعياً من الله، التي تحتاج أستشارة واستعانة بالمتخصصين، وهناك آيات حثت الله سبحانه فيها نبيّه"ص"والمسلمين للتشاور في أمورهم.
قوله تعالى:(وشاورهم في الأمر)، يقول العلامة الطباطبائي في تفسير الميزان:(هي الأمور المتعلقة بالولاية وإدارة الحكم،دون الأحكام الشرعية وما فرغ الله تعالى من أبلاغة)، والشورى مارسها النّبي والأئمة"صلوات الله عليهم"مع اصحابهم رغم عصمتهم،والغاية منها منح الناس شعوراً وثقةً بالنفس،والتعرف على قابلياتهم،وتعزيز قدرتهم على اتخاذ القرارات،وتثقيفهم على المشاركة في قضايا المجتمع المهمة والاساسية.
اسشتار النّبي"ص" اصحابه في مواضع، كمعركة أحد،وصلح الحديبية،ومواجهة اليهود من بني قريظة والنضير،وفي معركة بدر،عندما وقف في تلك الجماعة التي خرجت لحرب قريش،فقال لهم:أشيروا عليّ ايها الناس.
فقام الشيخان( ابو بكر،وعمر) أشارا عليه،فأعرض عنهما"ص"،وكان كلامهما مثبط للنفوس،ذكره أحمد في مسنده ج3ص219 بطريقين:أنه حين بلغ النبي صلى الله عليه وآله، إقبال أبي سفيان شاور أصحابه،فتكلم ابو بكر فأعرض عنه،ثم تكلم عمر فأعرض عنه.
يذكر المؤرخون في كتبهم، كالسيرة الحلبية،وتاريخ الطبري،والمغازي، والسيرة النبوية،وغيرهم:انه بعد كلام الشيخين، تكلم "المقداد بن عمرو" بكلام،فقال له رسول الله خيراً ودعا له، ثم اعاد القول صلى الله عليه وآله: أشيروا علي أيها الناس.
فقال سعد بن معاذ زعيم الأنصار: والله لكأنّك يا رسول الله تريدنا؟فقال: أجل.
فقال قول سعد بن معاذ،سرّ له رسول الله صلى الله عليه وآله،ونشطه ذلك، وأزال سحابة اليأس من النفوس،وعلى أثره اصدر النّبي"ص"الأمر بالرحيل، وتحرك الجيش للحرب.
حادثة اخرى وقعت في معركة بدر أيضاً،تكشف عن تقبل القائد النقد، واحترامه لآراء الآخرين،دون تكبر وانزعاج منه،قام الحباب بن المنذر رضي الله عنه عندما جهر أمام الصحابة كلهم مخاطبا رسول الله وهم مجتمعون حوله عند أول منزل نزلوه في غزوة بدر فيقول للنبي:يارسول الله أرأيت هذا المنزل،أمنزلا أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدم أو نتأخر عنه،أم هو الرأي والحرب والمكيدة.قال: بل هو الرأي والحرب والمكيدة.فقال :يا رسول الله فإن هذا ليس بمنزل، فأنهض بالناس حتى نأتي أدنى ماء من القوم – قريش- فننزل ونغور- نخرب- ماوراءه من القلب،ثم نبني عليه حوضا فنملأه ماء ثم نقاتل القوم فنشرب ولا يشربون.فقال رسول الله: لقد أشرت بالرأي ).
المشورة أو الشورى تعد سمة من سمات القائد الناجح،وهي ضد الأستبداد بالرأي،وتعتبر عنصر من عناصر الأستقامة،على ان تراعي فيها خصائص المستشيرين،كالعلم والتخصص، وتقوى الله،والتحربة،وحب الخير للآخرين،وسعة الصدر،وعدم استشارة الأحمق، والحسود،وصاحب المزاج المتقلب، والمتعصب واللجوج،والمستبد برأيه، والجبان،وأهل المعاصي،وأمثال هذه الأمور.
https://telegram.me/buratha