ومن هنا يأتي حجم المسؤولية التي تقع على عاتق هذا البرلمان، وضرورة الإيفاء بالتزامه الشرعي والقانوني والأخلاقي تجاه وطنه وشعبه عامة ، وناخبيه خاصة. فالجماهير التي زحفت في ثلاث عمليات انتخابية فريدة متحدية المخاطر والصعاب في مواجهة اشرس عصابات الإرهاب واصرت على انتخاب ممثليها ليكونوا صوتها المدافع عن حقوقها والمعبر عن أمانيها وإرادتها. هذه الجماهير تستحق من ممثليها التضحيات الجسام. ومواصلة الليل بالنهار في سبيل تحقيق ما تصبوا اليه من العيش الكريم وإزاحة غبار سني الظلم والاضطهاد والفاقة والعوز.
لكن اللافت، وبعد مضي كل هذه السنوات، وانتهاء دورتين واشراف الثالثة على نهايتها بتمثيل اوسع، وبمشاركة كل الأطياف العراقية، وبتأييد محلي واقليمي وعربي، وصلاحيات وامتيازات لم تتوفر لبرلمان اخر، وفرصً لم تتهيأ لبرلمان سابق، بالرغم من كل ما تقدم كان أداء هذا البرلمان متواضعاً.. وجاءت نشاطاته دون مستوى المرحلة واقل مما توقعته الجماهير المكدودة. فالمتتبع للجلسات البرلمانية خلال الشهور الماضية لا يخرج إلا بتصور مخيب لما يدور في تلك الجلسات، وما يسبقها من تأجيلات، وما يكتنفها من اضطراب، وما يسجل على البرلمانين من كثرة التغيب والتسيب.. ومقاطعة الجلسات، وهذه الحالة تمر دون حساب او الفات نظر حتى. ناهيك عن نقل الخلافات السياسية والآيديولوجية للكتل التي يمثلونها الى داخل قبة البرلمان والخروج بالمزيد من الخلاف والاختلاف بعد نهاية كل جلسة من الجلسات البرلمانية والتي لا يكتمل نصابها الا بعد تأجيلات عديدة.
وبمتابعة متأنية لجلسات البرلمان ونشاطاته للعام المنصرم، لا يخرج المراقب بحصيله تليق ببرلمان يتمتع بكل ما ذكرنا من امتيازات.
فعلى المستوى المحلي أولاً:
1- لم يتصد رجال البرلمان بحزم لمعالجة المسألة الامنية برغم استفحالها وتفاقمها، ولم نر لهم حضوراً فاعلاً خاصة على مستوى التشريع اللهم إلا اصدار قانون لمكافحة الإرهاب الذي ظل حبراً على ورق ولم يفعل ولم يعمل ولو بفقرة من فقراته. ولم يعترض البرلمان على حالة التراخي في التعامل مع الإرهابين واطلاق سراحهم أو الحكم عليهم بأحكام مخففة. وحتى استدعاء السيد وزير الداخلية لم يكن ليغير من الموضوع شيئاً. كما ان البرلمان لم يصدر ولم يطالب الحكومة بإصدار تشريع ينصف ضحايا الإرهاب والتهجير القسري أو يضع لهم حلولاً تخفف من معاناتهم، ولم يضطلعوا بدور مشهود في عملية المصالحة الوطنية ولم الشمل بما يتناسب وموقع كل عضو ومركزه.
2- مشكلة تفشي الهجرة و البطالة: لم يتعب البرلمانيون انفسهم في وضع دراسات حالية ولا مستقبلية لإيجاد فرص عمل للعاطلين من افواج الخريجين والملاكات الوسطية والطبقة العاملة، ولم يحاولوا خلق المشاريع الانتاجية والخدمية التي من شأنها استيعاب اعداد كبيرة من العاطلين عن العمل اضافة لسد النقص في حاجات معينة ومعالجة اوضاع تسهم في تقديم الخدمات للمواطنين.
3- تردي الخدمات واستمرار ازمة نقص او فقدان الماء والكهرباء والوقود، ولم يبذل البرلمان جهوداً ناهضة لمعالجة اي من الازمات المزمنة انفة الذكر، وظلت التصريحات الواعدة، والوعود المتراكمة زاداً يبيت عليه فقراء الوطن ويفطرون على سرابه!.
4- لم يضع البرلمان برامج او حلول اقتصادية للقطاع الخاص وحماية المنتج الوطني .
5- وقف البرلمان متفرجا على تدهور الاوضاع الصحية والتربوية والاجتماعية .
وعلى المستوى الإقليمي ثانياً:
لم يسجل البرلمان حضوراً مكثفاً في هذا المجال بغية حلحلة المسائل العالقة مع دول الجوار وتحريك الركود الذي اصاب العلاقات الثنائية معها ومعالجة مشاكل الحدود وتدفق الإرهابين عبرها، وكذلك مسألة اعادة هيئاتها الدبلوماسية للعراق.
اما على الصعيد الدولي والعالمي ثالثاً:
فشأنه شأن سابقه، إذ يحتاج هذا المجال الى نشاط محموم وسعي متواصل وجولات مكوكية مثمرة مع برلمانات دول العالم من اجل المساهمة في إعادة إعمار العراق والإيفاء بالتزامات تلك الدول التي تعهدت بها في مؤتمر الدول المانحة وإطفاء الديون السابقة، والوقوف مع العراق في مواجهة الهجمات الارهابية الشرسة وإعادة علاقتها الدبلوماسية وإنعاش التبادل التجاري والتشجيع على الاستثمار وغيرها من الأمور التي تسهم في اعادة العراق الى مكانته اللائقة.
ونحن حين نضع هذه الملاحظات البسيطة، لسنا متتبعي عثرات او متسقطي أخطاء ولا نتهم ولا نشكك بإخلاص أحد بقدر ما نذكر..تذكيرا بناءا غير هدام . كما إن حرصنا على سمعة برلمان ساهمنا في اختيار اعضائه يدفعنا للعتب ويحضنا على إسداء النصح. نوابنا اليوم كانوا يتندرون على نواب المجلس الوطني السابق ويسمون اعضاءه ( جنود الشطرنج ) !. انتم فرسان الوغى عدة وتسليحا وصلاحيات ماذا قدمتم ؟!.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha