المقالات

أغلبية مضطهدة ! 

2321 2017-02-04

عمار جبار الكعبي 

الاغلبية منذ فجر التاريخ تعتبر عنصر قوة , حيث كانت هذه الاغلبية العشائرية او الدينية او الفكرية مضطهدة للاخرين , نتيجة لعددهم الكبير مقارنة بالاقلبات التي تعيش في كنفهم او معهم في نفس المساحة , وكذلك سيطرتهم على اغلب مفاصل ومرافق البلد او المدينة التي يسكنونها , وبتطور الشعوب ووصولها الى تكوين الدول القومية منذ وستفاليا والى يومنا هذا , نسمع عن دكتاتورية الاغلبية في الممارسة الديمقراطية , وتوزيع المنافع والمناصب وحتى التعبير عن عمقها الوطني فانها تتحدث بأسم الوطن وكأنها تختزل الوطن بمجموعها , وكأن الاخرين طالبوا لجوء وليسوا من ابناء الوطن ! 

الاطلاق في كل الامور يعتبر نقص في القدرة التحليلية للانسان , لان الانسانية قائمة اما على النسبية , او على وجود استثناءات لكل قاعدة , فليس كل الاغلبيات الموجودة ينطبق عليها ما سلف , فالاغلبية الشيعية في العراق كانت ولا تزال مسلوبة الحقوق , اذ منذ تأسيس الدولة العراقية في عشرينيات القرن الماضي وحتى سقوط الملكية ووصول البعثية الى سدة الحكم , كانت الاغلبية الشيعية عبارة عن راعي الاغنام بيد السلطان رغم انه يسكن بيتها , ليمارس ضدها اشد انواع الاضطهاد والتعسف والظلم السياسي والاجتماعي والاقتصادي وحتى الثقافي , ولا يمكن المرور على هذه الحقب من دون الاشارة الى المجازر والمقابر الجماعية التي ملأتها جثث هذه الاغلبية . 

العملية السياسية القائمة التي توصف بالشيعية تعسفاً , انتجت اضطهاداً لهذه الاغلبية , لا يختلف عن الاضطهاد السابق الا بالشكل , فالمجازر مورست ولكن بالسيارات المفخخة , انتهكت وطنيتها تحت ذرائع كثيرة , والان يتم التشكيك بوطنيتها ووصمها بالولاء الخارجي رغم انها هي المضحي الوحيد لسلامة ارض الوطن , كلما تحركت ودافعت اُتهمت بأبشع الاتهامات , وابرزها الحشد الشعبي المضحي واتهامه بالمليشياوية حتى بعد ان اصبح مؤسسة حكومية رسمية 

الاحصاءات تشير الى ان المناطق الشيعية تعرضت الى اكثر من ( 5000 ) مفخخة منذ 2003 ولحد الان , وهذه المفخخات معروفة المصدر والدعم , مدعومة بشكل معلن تارة عن طريق فتاوى اللتكفير , وسرية تارة اخرى , بينما الاعلام المأجور يغرد خارج السرب , يحاول اثبات فشل التجربة التي صمدت امام كل التحديات والحروب التي عشناها منذ 2003 ولحد الان , متناسياً الاضرار التي تسببت بها هذه المفخخات من دمار للبنى التحتية وغيرها , ليس دفاعاً عن احد , التجربة لم تفشل , ولكنها تعثرت وهذا امر طبيعي لمن يقرأ تاريخ التجارب الديمقراطية , الاعلام هو المضطهد الاول لهذه الاغلبية من ناحيتين , الاولى في محاربة التجربة التي يؤمل انها ستعطي الاغلبية جزءاً من حقوقها , اما الثانية فهي اظهار الاغلبية بزي المعتدي دائماً بينما هي الضحية لما يجري .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك