من تداعيات دخول صدام للكويت، وثمن بقاءه في السلطة في تلك الحقبة، هو القرار الأممي 833 لعام 1993، والذي ألزم العراق بترسيم الحدود مع الكويت، ولكن وفق قاعدة القسمة بين المنتصر والمنهزم، أي عبر الإكراه والتهديد، مع العلم إن الطاغية صدام، كان مستعدا" للتضحية بنصف العراق، من أجل البقاء على سدة الحكم، فأستغلت الكويت تلك الظروف، إستغلال فاحشا"، لتبسط يدها على كثير من الأراضي العراقية، وجزء" من المياه الإقليمية، ليكون نصف خور عبدالله، الجزء العميق منه الذي يصلح للملاحة البحرية، من حصة الكويت.
السؤال الذي يتبادر للأذهان! هل يجوز لصدام منح تلك الأرضي والمياه؟ هذا مع الأخذ بنظر الإعتبار، إن العراق عوض كل الضرر، الذي تعرضت له الكويت، نتيجة الإجتياح الصدامي لها، لقد حكم صدام حكما" دكتاتوريا"، ولا يمتلك الشرعية القانونية، لمنح الكويت تلك الهبات السخية، والعالم بأسره يعلم جيدا" ويقر بذلك، بعدم شرعية النظام الصدامي، وأغلبية القرارات الأممية، كانت تؤكد ذلك، وحتى في معرض بياناتها الرسمية وغيرالرسمية، وهنا تبرز مشكلتين في تلك الإتفاقية، حيث إنها قد وقعت تحت الإكراه، وعدم شرعية الطرف الذي يمثل العراق، وهو المقبور صدام.
ولو عدنا لإتفاقية فينا لعام 1961، وتحديدا" المواد 48, 49, 51، إن صحة الإتفاقيات والمعاهدات، يجب أن تتوفر فيها شروط معينة، ومحددة ضمن القانون الدولي، ومنها أهلية المتعاقد، وليس هنالك إستغلال فاحش في العقد، أو غش أو تدليس أو إكراه، بينما نجد في هذه الإتفاقية، كل موانع إجراء الإتفاقية موجودة، لقد تعاملت الكويت مع العراق، بوحشية سافرة وبروح الإنتقام، متناسية إن شعب العراق كان مضطهدا"، ويخضع لظلم دكتاتور طاغية، فلم يكن للشعب حول ولا قوة، في كل الأعمال الصدامية الصبيانية، التي كلفت العراق كثيرا".
إن المجتمع الدولي، المتمثل بالأمم المتحدة، وكذلك دول الخليج العربي، لا سيما الجارة الكويت، وبعد هزيمة صدام، في حرب الخليج الأولى، وخروج القوات العراقية، من الأراضي الكويتية عام 1991، من المعيب عليهم جميعا"، إنهم تغاضوا عن إجرام صدام وإستهتاره، بحق شعبه والجارتين إيران والكويت، وبدل من محاسبته على أفعاله العدوانية، وإحالته للمحاكم الدولية، بعد إنهيار الجيش الصدامي، وتمكن المعارضة العراقية، بقيادة السيد الشهيد محمد باقر الحكيم( طاب ثراه)، من الوصول إلى أطراف بغداد.
الذي حصل بعد كل تلك الجرائم، من صدام وأعوانه، تمت مكافئته من قبل المجتمع الدولي، بل الكويت نفسها، حين دعموه بالبقاء في السلطة، لإجهاض الإنتفاضة الشعبانية، عبر إتفاق الخيمة المشئوم، والسيئ الصيت، فعوقب الضحية وهو الشعب العراقي، وكوفئ الطاغية صدام، ليبقى جاثما" على صدر العراقيين، ولكن ثمن ذلك، إقتطاع جزء كبير، من الأراضي العراقية، وكذلك جزء المياه الإقليمية، لتكون من نصيب الكويتين، مع فرض تعويضات كبيرة على العراق، تعادل أضعاف ضرر الكويت، وبهذه المعادلة الظالمة، والتي زادت من مأساة العراقيين وقتها، أظهرت تلك الدول، عدوانيتها ووحشيتها بإتجاه الشعب العراقي.
لذلك كان على الحكومات العراقية، التي تلت سقوط المقبور صدام، ولا سيما البرلمان العراقي السابق، وحكومة المالكي للولاية الثانية، كان الأولى بهم، الدفع لدى المنظمات والمحاكم الدولية، بعدم شرعية ذلك الإتفاق المشئوم، بين حكومة صدام الغير شرعية، وحكومة الكويت، وحسب معاهدة فينا، لعام 1961 المذكورة أنفا"، حيث إن خورعبد الله، تم إنشاءه ضمن المياه الإقليمية العراقية، حيث تم البدء بحفره منذ عام 1895، أي قبل وجود الكويت، على خارطة الكرة الأرضية، وكان من المفروض عدم القبول بعقد إتفاقية تنظيم الملاحة بين البلدين، لأن أصل الإتفاق باطل، وما يبنى عليه باطل أيضا"، فلماذا هذا التخاذل من حكومات العراق؟
https://telegram.me/buratha