المقالات

أسئلة من سياط..!

1884 2017-02-22

قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com

   التأريخ سجل مفتوح، يكتب فيه كائنا من يكون ما يشاء، غير أنه ليس من السهل إمحاء ما يُكتب، وما حدث في العراق منذ 2003 ولغاية اليوم، هو الجزء الأكثر حيوية لأننا ما نزال نعيشه لحظة بلحظة، وما نزال في تداعيته، وسنبقى كذلك الى أن نزول ويزول الجيل الذي سيأتي لعدنا، وسيمتد تأثيره الى الجيل اللاحق وربما أبعد قليلا.

   منذ 2003 حصلت سوابق كثيرة، غير أن الذي حصل في السنوات الأربعين التي سبقت 2003، ما نزال في إرتداداته، إذ ليس من السهل إحالة التاريخ إلى مدوّنات فضفاضة، وعادة فإن السوابق تُرمى في كتب التاريخ، لأنها سوابق لا مثيل لها من قبل، واستحقت منزلتها تبعاً لفرادتها، بغضّ النظر عن طبيعتها ومضمونها.

   في بداية سبعينيات القرن الفائت، كان البعث هو الذي يمسك العراق بقبضة من حديد، وكان الدم يقطر من بين فراغات تلك القبضة المحكمة، في ذلك الوقت حصلت محاولة بعثية لـ "تسوية" الأوضاع، خصوصا مع الحركة الكوردية، التي لم تكن أهدافها مثلما هي عليه الآن، فلم تتعد مطالب الكورد ابعد من المشاركة بالحياة السياسية، وأن يدير الكورد مناطقهم بأنفسهم، مع الإعتراف بالحقوق الثقافية للشعب الكوردي، وإستخدام اللغة الكوردية في المدارس، حيثما يكون الكورد أكثرية.

   في ذلك الوقت أيضا، كان اليسار العراقي، ممثلا بالشيوعيين لا يعرف ما يريد، كانت الشعارات الثورية؛ وأحاديث عن العمال والفلاحين والكادحين، هي التي تملأ فضائهم، وكنا نقرأ " من كل حسب عمله ولكل حسب حاجته"، دون أن يكون في العراق ناتج وطني حقيقي، يؤخذ من هذا ويعطى لذاك، كما كان الشيوعيين يثقفون!

   آنذاك أقام البعث تسويته التأريخية على طريقته الخاصة، فقد منح الكورد الإستقلال الذاتي، وهو ظاهرا أكثر من ما كانوا يطالبون به، وعلى الطرف اليساري من هذه التسوية، أقام البعث "جبهة وطنية" ، ضمت الشيوعيين إضافة الى الحزب الديمقراطي الكوردستاني، وكان من بين أهم بنود وثيقة "الجبهة الوطنية"، أن أعترف القادة الكورد والرفاق الشيوعيين، بأن البعث قائد للمجتمع!

   مضت الأيام، وأكتشف الكورد أنه لا يوجد في جعبة البعث حكم ذاتي، ووجد الشيوعيين انهم وضعوا اقدامهم، في وحول عار التحالف مع نظام إجرامي، فما كان من قياداتهم العليا ، وأطرهم وكوادرهم الوسطى، أن غادروا العراق الى أوربا، طلبا للسلامة، في هجرة سمح بها النظام البعثي.

   من طريف ما جرى في تلك الأيام، أني اوصلت بسيارتي الخاصة، صديقا شيوعيا الى مطار بغداد، مغادرا الى ما كانت تعرف بتشيكوسلوفاكيا، وعند عودتي من المطار وعلى الطريق، أستوقفتني مفرزة من جلاوزة الأمن، وفهمت أن التهمة أني "متعاون" مع الشيوعيين، وحينما سألت المحقق لماذا تركتم الشخص الذي أوصلته وأعتقلتموني؟ أجابني لو كنت مغادرا مثله لتركناك..كان صديقي يتنقل في براغ كما هو اليوم؛ من حانة الى حانة، وكنت أنا أعيش حفلات التعذيب لبضعة اشهر!  

   كلام قبل السلام: الكورد اليوم باتوا يطالبون بالإستقلال، وبالحقيقة فإن ما يطلبونه في أيديهم، لكن لو أعطي لهم لما أخذوه، والشيوعيين أستدعوا الحناجر المبحوحة، في وقت يقاتل فيه الوطن، لأستعادة أرضه من الدواعش الأشرار، ومثلما وضعوا انفسهم في سبعينيات القرن الفائت، في وحول عار التحالف مع النظام الفاشي، الذي طالما أنشدوا أناشيدهم ضد فاشيته، يضعون اليوم أنفسهم؛ في موقف سيسألهم التأريخ عنه أسئلة من سياط!

 

سلام....

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك