محمد ابو النواعير ..
ظهر قبل ايام مقطع فديو للمدعو فائق الشيخ علي وهو يصرح بانه وكرجل سياسية. يجب ان يتبعه رجل الدين كسماحة الامام السيستاني مثلا، واجل تبيان الاشكال الذي طرحه فائق الشيخ علي في موضوعة جواز وامكان تدخل او عدم تدخل رجل الدين في السياسة، وكان كلامه موجها نحو الامام السيستاني مدعيا عدم جواز تدخله او اشتغاله في السياسة لان تخصصه هو كرجل دين ، احب ان ابين هنا مسألة مهمة تتعلق بهذا الموضوع ..
اولا فائق الشيخ علي ينطلق في وجهة نظره هذه من رؤية المدرسة العلمانية الليبرالية التي تدعو الى فصل الدين عن السياسة واقصاء رجل الدين عن اي ممارسة سياسية ..
وهنا يجب ان نعلم ان ما ذهب له فائق يمثل رأي احدى المدارس الغربية في السياسة، وليس بالضرورة يمثل رأي كل المدارس، حتى في نطاق العلمانية فهناك اقسام لهذه المدرسة ، منها ما هو متطرف في عدائه للدين وتدخل الدين في السياسة ، ومنها ما هو اكثر تسامحا ، والظاهر ان فائق يمثل النوع الاول ..
ومن هذا المنطلق نجد ان قضية دور الدين في السياسة قد انقسمت الى ثلاثة توجهات رئيسية ، الاول يدعو الى فصل الدين عن السياسة ، كما هو الحال في المدارس العلمانية بشكل عام ، الثاني يدعو الى اشراك الدين في السياسة، وان الدين يجب ان يكون هو الحاكم كما هو الحال في نظرية الاخوان المسلمين ونظرية ولاية الفقيه .. النوع الثالث وهو الحديث نسبيا ، يرى ان يكون لرجل الدين (او الحكيم او النبي او الفيلسوف) دورا اشرافيا وتوجيهيا تقويميا على رجل السياسة، فلا هو سياسي ممارسا للعمل السياسي ، ولا هو منفصل عن السياسة والحياة السياسية في صومعته ، هذه النظرية تتمثل بشكل عام لدى اغلب المدارس المحافظة في السياسة ..
فنحن هنا لسنا مجبرين باتباع المدرسة التي يتبعها فائق في السياسة، مع وجود مدارس عالمية أخرى أكثر تلائما مع اخلاقنا وبيئتنا الاجتماعية والأخلاقية ..
ثانيا .. لقد ذهب منظري السياسة المعاصرين، الى ان هناك حالة عدم تكافأ في القوى والموازين وادواة السطوة والسيطرة ما بين الدولة الحديثة وما بين الشعب ، في النظم الديمقراطية خصوصا، فالدولة في زماننا تملك كل اسباب القوة حيث انها تتحكم بالقوة الاقتصادية والعسكرية والاعلامية والمشاريع والتعليم .. الخ الخ ، في المقابل نجد الشعب الذي هو صانع السياسة لا يملك شيئا ، لذا وخوفا من تغول الدول، عمد منظروا السياسة الى خلق ادوات حماية قانونية واعتبارية ، من أهمها ما بات يعرف بمجموعات الضغط ، وهي مجموعات بشرية او افرادا ، يجتمعون تحت مسمى معين ، شريطة ان يكون لهم القدرة على التأثير في المجتمع او بعض شرائحه وتحريكه ، تقوم هذه المجموعات بمراقبة عمل الدولة والحكومة ورصد أخطائها وانحرافاتها وتنبيه القائمين على السلطة بهذه الاخطاء ، وان ابى رجال السلطة الاشتجابة فمن حق مجموعات الضغط هذه ممارسات ما تملكه من ادوات للضغط على الحكومة والسياسيين من اجل تنفيذ مطالبهم الوطنية الاصلاحية ، وقد تكون من ضمن هذه الادوات هي تحريك الشارع ..
نستطيع هنا ان نبوب تدخل المرجعية الدينية او رجل الدين كمجموعة ضغط تمثل رقابة شعبية اخلاقية ضد كل الممارسات المنحرفة التي تمارس في العملية السياسية ، مع العلم ان هذا المفهوم موجود في الدول العلمانية .. فلماذا يمنع رجل الدين لدينا من ممارسة حقه الرقابي كمجموعة ضغط رقابية مقبولة في سلوكها قانونا وعرفا وتأصيلا كما هو معمول به في الانظمة الغربية الحديثة .. ؟
ما أدري ليش ضايج استاذ فائق الشيخ علي ؟ !!
محمد ابو النواعير
https://telegram.me/buratha
