المقالات

العراق يستقبلهم بعد ان عجزوا ! 

2832 2017-02-26

عمار جبار الكعبي 

يعتقد الكثير ان الاختلاف العرقي والطائفي والقومي عنصر ضعف للدولة ، بسبب عدم قدرة الدولة على المواءمة بين متطلبات الجميع ، وكل يميل الى من هم على شاكلته وان كانوا دولاً اخرى ، فباتت الدولة ذات التنوع المجتمعي مرتعاً لتدخلات الدول المجاورة ، بين مؤيد لهذه الفئة وبين مدافع عن تلك ، وبين هذا وذاك يتم تمزيق الاوطان ، ليكون الخاسر الاكبر شعب هذا البلد المتنوع 

قيل سابقاً ان المتناقضات يمكن ان تجمع ، لتشكل بعد ذلك شكلاً لا يشبه سابقه ، ذو سمات تفتقر لها الشعوب ذات اللون الواحد ، التنوع نعمة وليس نقمة ، لانه يعبر عن قدرة البلد على التعايش طيلة القرون الماضية ، رغم كل هذه الاختلافات والتباينات الكبيرة ، العراق يملك من كل شيء شيء ، فهو عربي ذو أغلبية إسلامية ساحقة ، وهذه الاغلبية نسبتها الاكبر من الشيعة ، وهذا جعل منه في فترة سابقة ميداناً لتصفية الحسابات الاقليمية 

التنوع الكبير اذا ما تم استثماره استثماراً ذكياً يمكن ان يجعل من العراق محور المنطقة ، فبعده العربي الاسلامي وبتاريخه الحافل يعطيه مركز الصدارة في قائمة اهتمامات العرب ، بينما بعده الشيعي يجعل منه قبلة الشيعة في العالم ، لوجود النجف وكربلاء وبعدهما المعنوي لدى شيعة العالم ، اضافة الى المرجعية العليا للشيعة في النجف الاشرف ، فهو يملك عناصر قوة يحلم بها جواره ، وهذا ما جعله يلعب دوراً كبيراً فيما سبق في فتح صفحة جديدة بين امريكا وايران ، ببراعة وحنكة وعمق فكر السيد عبد العزيز الحكيم سابقاً ، حيث هو اول من دعى لحوار يسبق التفاوض الشامل بين ايران وأمريكا ، لينتهي ذلك بمرثون تفاوضي لم يعرف العالم مثيله ، لينهي صفحة مهمة من تاريخ الصراع في الشرق الأوسط 

زيارة الجبير الى بغداد تحمل بين طياتها الكثير الكثير من المعاني ، التي قد يعلن بعضها ويبقى بعضها للتاريخ ، ولكن أبسطها هو الاعتراف ( وان كان على مضض ) بشرعية النظام السياسي وبالاغلبية التي تحكمه عن طريق الانتخابات ، وهذا يعبر عن سلوك واقعي يتعامل مع معطيات المرحلة كما هي ، وليست كما يتم الرسم لها بعد ان فشلت جميع الخطط الاقليمية بالإطاحة بهذا النظام الدخيل ، الدخيل لان المنطقة لم تعرف نظاماً ديمقراطية على شاكلته ، اضافة الى كونه البلد العربي الوحيد الذي يشترك في ادارته الشيعة ، وهذا ما يجعلنا امام استنتاج ان العربية السعودية اصبحت مجبرة على التعامل مع الشيعة كونها اصبحت حقيقة واقعية يجب التعامل معها وفق حجمها وقدراتها ، لان غض الطرف عنها لن يغير من الواقع شيئاً ! 

السعودية بعد تورطها عسكرياً في اليمن ، وسياسياً في سوريا ، تحتاج الى اعادة ترتيب أولوياتها من جديد وفق رؤية واقعية ، وحسب مراكز القوة المؤثرة في الملفين السابقين من دون كبرياء ، فالملف اليمني استنزف السعودية وأوصلها الى ما كانت تخشاه ، وتحتاج الى الى مؤثر سياسي عميق يخرجها من هذه الأزمة ، والعراق هو من سيوصلها الى هذا المؤثر ، واما الملف السوري فالعراق تواجد فيه منذ البدأ ، وان لم يكن بجيشه النظامي ، بسبب الترابط الامني والتأثير المتبادل بين البلدين بالإيجاب والسلب ، وهذا يجعل من العراق مؤثر ومتأثر بالوضع السوري ، وهو على اعتاب انتصار عسكري مهم على دولة الخرافة الداعشية ، مما يؤهله ان يكون سفير للسلام في المنطقة ، لانه الوحيد القادر على ان يستثمر مشتركاته مع دول الاقليم ، من دون ان يتحسس منه احد لان اشترك مع الجميع واختلف عنهم قليلاً ، ما ينقصه ان يتم الاتفاق بين المختلفين على الشخصية ذات المقبولية الكبيرة من قبل الجميع ، والا يستمر الكبرياء والصراع والحسد يمنع هذا الشخص من إكمال المسيرة التي هو الوحيد المؤهل لادائها ! .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك