المقالات

السلام عليك يا حامل التوراة والإنجيل.


مصطفى الهادي. 

الأنبياء يرثون علوم الأنبياء الذين سبقوهم للاستفادة من تجارب الأنبياء السابقين وما مرّ عليهم خلالا حياتهم التبليغية لتسهيل مهمة النبي الجديد .وهكذا عندما يتولى وصي النبي من بعده أمر ادارة الأمة لإكمال تبليغ الرسالة وتوضيح ما يغمض على الاجيال التي تلي الجيل الأول فإن النبي يقوم بتسليم هذه المواريث إلى وصيه واخباره ببعض ما سوف يُلاقيه على أيدي الأمة وخصوصا في القضايا الكبرى التي تتعلق بمصير الرسالة . 

 

وهكذا تظافرت الأدلة على أن هذه المواريث يستلمها الأنبياء . شيث وسام استلموا الواح آدم (1) ونوح استلم هذه الألواح ولوط استلم هذه الالواح من نوح. وهكذا استلم موسى هذه المواريث وسلّلمها اسباطه الاثنا عشر. ثم جاء عيسى ليُعلن أنه استلم مواريث موسى ومنها (الناموس) اي كلمة الوحي التوراة فقالها وبكل وضوح (فإني الحق أقول لكم: إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل). (2) أي كل ما جاء فيه وكل ما جاء قبله. 

 

موسى له إثنا عشر وصيا كان اميرهم يوشع الذي وقفت له الشمس وعيسى له إثنا عشر حواريا اورثهم العلوم ثم امرهم ان يذهبوا إلى جميع الناس ويُعلموهم واعطاهم كل المواريث لابل اعطاهم القدرة على التصرف بكل ما في الكون : (فتقدم يسوع ودعا تلاميذه الاثني عشر، وأعطاهم قوة وسلطانا وكلمهم قائلا: دفع إلي كل سلطان في السماء وعلى الأرض، فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به).(3) فهم حملة الامانة بعد نبيهم حيث اعطاهم عيسى قوة وسلطانا بإذن الله . 

 

وهكذا جاء النبي محمد (ص) واستلم من الوحي كل مواريث الأنبياء الذين قبله ولذلك نرى القرآن حافل بتجارب من سبقوه من الأمم والانبياء ، ذاكرا لنا الكثير مما في التوارة والانجيل مشيرا إلى الصابئة والمجوس أيضا على انهما أيضا أديان. وفي يوم المباهلة لم يذعن اليهود والنصارى للنبي محمد (ص) لولا علمهم بأن التوراة والإنجيل الحقيقيين عنده جاء بهما ليُحاججهم ومن هنا نرى مطلب القرآن منهم : (فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين). (4) هذا الطلب يدلنا على أن التوراة الحقيقية كانت مع النبي وليس مع اليهود ، فلو كانت معهم لما طلب منهم أن يأتوه بها. 

 

بعد النبي ورث اوصياءه هذه المواريث،حالهم حال اوصياء الأنبياء السابقين. وهذا ما تم تأكيده من قبل أئمة الهدى فكل امام يأتي يرث سابقه ودليل ذلك هو عجز اليهود والنصارى والصابئة والمجوس عن مناقشة الأئمة سلام الله عليهم ولعلّ ابرز من قام بذلك من الأئمة بعد أن توفرت له فرصة الحوار هو الإمام علي عليه السلام وحفيده الامام الرضا عليهم السلام فمن أين جاء العلم للإمام الرضا (ع) وهو بعد في ريعان شبابه هذه القدرة على مناقشة اليهود والنصارى وغيرهم ؟ فلو رجعنا إلى أبيه الإمام الكاظم لوجدنا أنه سلام الله عليه كان معروف عنه انه (حامل التوراة والإنجيل) كما ورد في زيارته التي وردت في الكثير من مصادر الشيعة وهذا يدلنا على أن الإمام الرضا أيضا ورث عن أبيه الكاظم هذه المواريث ومن خلالها واطلاعه عليها وتسديد الروح القدس كان يُفحم اهل الملل والأديان جميعا. 

فماذا ورد في زيارة الإمام الكاظم (ع)؟ 

 

نقرأ في كامل الزيارات وضياء الصالحين ومفاتيح الجنان في باب (زيارة الكاظمين عليهما السلام). ما يلي : (اشهد انك معدن التنزيل وصاحب التأويل وحامل التوراة والإنجيل والعالم العامل الصادق). (5) 

 

الشيء الغريب هو أن جميع من تولى تعذيب الأئمة في سجون الطغاة العباسيين هم من اليهود والنصارى امثال يوحنا بن ماسويه النصراني والسندي بن شاهك ، والديزج وجرجس بن بخنيشوغ وهذا لربما يقودنا إلى أن اليهود او النصارى ــ الذين كانوا أيضا بارعين في اعداد السموم ــ كانوا على علم بأن التوراة والانجيل عند الأئمة يتوارثونها ولذلك لربما هم طلبوا أو أوكل الطغاة العباسيون لهم مسألة تعذيب الأئمة طمعا في ان يؤدي تعذيبهم إلى الافصاح عن مكان التوراة والانجيل الحقيقيين ولما يأسوا من ذلك قتلوهم بالسم . ولا زالوا إلى هذا اليوم يبحثون عن توراتهم وانجيلهم، ففي ليبيا قام الفيلسوف الدموي برنارد ليفي بالبحث في خرائب كنيسة طرابلس ، وفي اليمن هرب اليهود إلى إسرائيل حاملين معهم ما يُعتقد انها التوراة الأصلية ، وعندما دخل بوش العراق كان هم اليهود البحث في كنوز المكتبة الوطنية وآثار بابل عن التوراة خصوصا منطقة الكفل وما حولها وعثروا على توراة خطية قديمة سرقوها مع وثائق اخرى، وهكذا يُطالعنا الاخوة النصارى في عملية بحث دائبة وفي كل يوم يزعمون أنهم عثروا على إنجيل قديم في أحد الاديرة القديمة كان آخرها إنجيل حكاري وإنجيل نجع حمادي سنة 2006 . فإذا كانت التوراة والإنجيل الحاليين كما يزعمون انهما صحيحان فلماذا لا تزال عملية البحث مستمرة للعثور على التوراة والانجيل. 

نقول لهم أن ما تبحثون عنه سوف يظهر عمّا قريب بيد حفيد الانبياء ووارثهم الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف. 

المصادر : 

1- سفر يشوع بن سيراخ 49: 19. (سام وشيث ممجدان بين الناس، وفوق كل نفس في الخلق آدم). 

2- إنجيل متى 5: 18. 

3- إنجيل لوقا 9: 1. 

4- سورة آل عمران آية : 93. 

5- ضياء الصالحين الحاج صالح الجوهرجي الطبعة الأولى ، قم . و مفاتيح الجنان الشيخ عباس القمّي الطبعة الأولى الكويت. و كتاب كامل الزيارات جعفر بن محمّد بن قولويه القمي. مصباح الزائر ص 198. 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
محمد الموسوي
2022-07-19
جزاك الله تعالى خير جزاء المحسنين
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك