المقالات

مجنون

806 2017-05-26

عبدالناصر الناصري 

يقول الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر " الآخرون هم الجحيم " هذه المقولة تنطبق حرفيا على من يعيش داخل المجتمع العراقي الغارق في إيذاء الآخرين والمتطلع الى تضحيم روح الأنا دون المبالاة لما يتعرض له الغير حتى لو كان من أقرب المقربين ! 

هناك الكثير من الأشخاص الرائعين قد جن جنونهم نتيجة مماراسات المجتمع التي شكلت صدمة بالنسبة لهم ؛ هؤلاء الأشخاص الذين يسمون بالــ" مجانين " هم أكثر وعيا من شاتميهم فهم يعرفون حجم المسؤولية لذلك لايتفاعلون مع ممارسات خاطئة تسير بالمجتمع نحو الهلاك وان عقولهم لاتستوعب ولاتتحمل مايرونه يحدث يوميا ويلقى قبولا اجتماعيا رغم خطورته لذلك يكون رفضهم لهذه الممارسات خروجا عن المألوف ؛ وكل من يخرج عن المألوف والنمطي رغم سيئاته يعد مجنونا يستحق التوبيخ والشتم والضحك عليه ! 

أعرف شخصا يعمل في بلدية أحد القطاعات الشعبية ؛ هذا الشخص يخرج بمكنسته حتى أيام العطل الرسمية ليجمع القمامة وينظف الشارع المليء بأوساخ وقذارت أصحاب " العقول النيرة " ؛ هذا الإنسان الرائع يتعرض الى ابشع الإساءات من قبل المارة و يصفونه بأبشع الأوصاف " ها مخبل " " ها لابك " " ها مسودن " " ها أبو الزبل " ! 

إنسان آخر كان قارئا جيدا يكتب الشعر الفصيح ينبذ ممارسات الآخرين يدعو الناس للإهتمام بالقراءة والثقافة تعرض هو الآخر الى نفس الشتائم حتى جعلوه حبيس البيت لكثرة الضغوط والإهانات والألفاظ السوقية بحقه ! 

أعرف طفلا يعاني من خلل في عينيه ؛ نصحه طبيب العيون بارتداء النظارات الطبية ذهب لمدرسته قابله التلاميذ بلقب " أبو أربع عيون " ترك هذا الطفل المدرسة نتيجة لهذا اللقب وعانى من أمراض جلدية مزمنة نتيجة الحالة النفسية المدمرة التي سببها التلاميذ الزملاء له وهو الآن يتعرض لنفس أوصاف المجانين ! 

هنالك الكثير من المجازر ترتكب بحق أولئك الذين لايعرفون مسايرة المجتمع ويتطلعون الى إحداث تأثير إيجابي بتلك الممارسات البالية ؛ وكل من يخرج عن المفاهيم السائدة يعد مجنونا مهما كانت الأفكار التي يؤمن بها ؛ ولم يحظ بإحترام المجتمع الا من يجيد إستخدام الأساليب الخاطئة المتبعة والتي تروج على انها قيم إجتماعية متعارف عليها منذ القدم ! 

من السخف ان يقبل مايسمى بالمثقفين والواعين فكريا بالعيش دون أن يطلق عليهم المجتمع القاب المجانين ؛ لذلك نحتاج الى الكثير من المجانين لكي يحدثوا نقلة نوعية في هذا المجتمع الذي تنخره المفاهيم الحجرية وتسيطر على غالبيته وان القلة التي نراهن على وعيها بدأت تتماشى من تلك المفاهيم كي تستثمرها لصالحها احيانا أو انها لاتريد الإصطدام بها 

كل الذين عملوا نقلات مهمة في مجتمعاتهم كانوا في البداية يعتبرون من المجانين ولاقت نواياهم سخرية من الآخرين لكنها في نهاية المطاف أحدثت طفرات مهمة في مجتمعاتهم ؛ من من العراقيين يكون قادرا على تحمل المسؤولية ليعلن جنونه لتحقيق تلك الطفرة المجتمعية التي تهدف لتحقيق المساواة وتبعدنا عن سموم الطائفية ولاتجعلنا نتغير في السنة الواحدة الى متغيرات متعددة فتارة نكون من الايرانيين وتارة نصبح من السعوديين وتارة أخرى من القطريين !. 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك