لا تحدث الحوادث الجسام صدفة في العلاقات الدولية, ولا يمكن لأي حدث أن يتفاعل وينفجر دونما أن تكون له أسباب ومقدمات, تجتمع لتولد الانفجار الكبير.
نعم قد يكون ما يولد هذا الانفجار هو حدث تافه أو بسيط, أو حالة تشبه الحجارة الصغيرة التي تُرمى في الماء الراكد, فتحركه وتثير موجات دائرية فيه.
الأزمة الخليجية الحالية لا تعدو أن تكون هكذا, فهي ليست وليدة صدفة, أو بدون مقدمات, فالحرب بين السعودية وقطر قائمة منذ سنوات, وهي حرب زعامات تتداخل فيها النزعة العصبية القبلية المعروفة عن البدو.
الصراع السعودي القطري مستعر منذ نهاية التسعينات من القرن الماضي, وتقاطع الرؤى حول العراق وإيران وسوريا كان مثار الخلاف دوما بين الدولتين, كما إن مساحة النفوذ الاقتصادي كانت هاجسا لدى الفريقين.
طارت السعودية بجناح الإرهاب الوهابي, وطارت قطر بجناح الإرهاب والتطرف الإخواني, وكان هذان الجناحين محور تصادم للدولتين في كافة الملفات الساخنة في المنطقة, وكان الصِدام الكبير بينهما هو ما حدث في مصر وفي تركيا فقطر دعمت مرسي والإخوان في مصر, واردوغان في تركيا, بينما دعمت السعودية السيسي –نكاية بقطر وإخوانها- وكذلك دعم الانقلاب في تركيا, وكذلك كان التشابك بين هذين الجناحين في الملف السوري.
طموح الشباب من قادة الجيل الثالث في المملكة والإمارة, أجج الصراع بين المملكة والإمارة, فابن سلمان المعتوه والذي يسعى ليكون قائدا للمنطقة, يحاول إسكات الشاب القطري تميم وتحجيم دوره المتنامي في المنطقة.
كانت قمة الرياض هي القشة التي قسمت ظهر البعير, فمن تابع القمة قد لاحظ محورية الدور السعودي والمصري والإماراتي, وعلو صوتهم في المؤتمر, مع غياب –أو تغييب متعمد- لصوت قطر.
القمة اسفرت عن تقديم ولاءات جديدة ودعم مالي لا محدود لسيد البيت الأبيض, وهو الأمر الذي نأت قطر بنفسها عنه, فلم تدفع كما دفعوا, ولم تسلم صندوق ايفانكا اي مبلغ.
أخيرا أود أن أشير لأمر مهم, وهو إن الاستثمارات القطرية بنسبة كبيرة منها هي في بريطانيا, وليست في أمريكا –عكس الاستثمارات السعودية- لذا اعتبرت قطر إن هذا الأمر يعتبر ورقة رابحة في صالحها, لكنها نست إن السيد الأمريكي هو اللاعب السياسي الأول في تحريك أدوات اللعبة في المنطقة, ولن تشفع بريطانيا –رغم تحفظها على معاقبة قطر- ومكانتها الدولية بتخفيف التوتر الخليجي وفرض العقوبات على الدويلة الصغيرة.
https://telegram.me/buratha