المهندس زيد شحاثة
عندما نتذكر من نفقدهم من أحبتنا, دوما يكون هذا بصورة تخيلية, مرتبطة بحادثة أو موقف ما, وأحيانا نختلقه من خيالنا, لشدة حبنا وشوقنا لهم.
يزداد تخيلنا, كلما كانت معرفتنا أقل بهم.. فنذهب بعيدا في, رسم تلك التخيلات, إعتمادا على صورة لهم, أو كلام سمعناه.. هذا ما حصل معي عندما, أردت تذكر, الشهيد القائد صالح البخاتي.
كلما حاولت وضع صورة للرجل في مخيلتي, لم تفارقني صورة إيتسامته.. حالة لا نتوقعها, من المقاتل والقائد العسكري, والرجل قضى ثلثي عمره في القتال والجهاد؟ وأي قتال.. بين جهاد الأهوار وسجون صدام, فقتال التكفيرين, لتكون الخاتمة في الفلوجة.
في عقولنا صورة نموذجية, للمقالتين وهم عابسين, ووجوههم صارمة, فهم بين الموت والنصر, يحملون أرواحهم على أكفهم, فهل من مكان للإبتسام؟!.. مع ذلك كان البخاتي وأمثاله يضحكون!
كنت أتعجب من ذلك, حتى قرات وصيته بخط يده.. فقد قال فيها واصفا التمسك, بخط الولاية والمرجعية " أن هذا التمسك هو أضعف الأيمان" فهو يطلب أن " نكون من الداعين والمدافعين بأقصى ما نملك عن هذا الخط".. عجيب أمر هؤلاء الناس, إن كان كل هذا, وما عانوا وقدموا لأجله.. هو أضعف الأيمان!
ختم البخاتي وصيته, داعيا ومتأملا " أن تكون الشهادة عاقبته قتلا في هذا السبيل" وكأنه يعلم تماما خاتمته ويستعجلها.. وفي موقف نشره له قبل إستشاهده بوقت قليل, وبعد إصابة زجاج سيارته, برصاصة لم تخترقها, قال أنه كان قريبا من الشهادة, وربما لم يوفق, ليكون " مستحقا لها" .. عجبا عن أي أناس نتحدث!
هل الأيمان بقضية, يدفع المجاهدين, لهذا الحال العجيب؟! أم القضية أكبر من ذلك؟
ألا تظنون أن هؤلاء رجال خَلقوا, لتأدية دور وحمل رسالة, يعجز عنهما الأخرون؟
ليست مبالغة وغلوا, في وصف البخاتي وأمثاله.. إطّلعوا على حياتهم سيرتهم, وستروون أننا مهما تحدثنا عنهم, لن نفيهم حقهم
https://telegram.me/buratha