سليم الحسني
وحده من بين القيادات السياسية، حكم ثمان سنوات متتالية، فترك إرثاً صعباً من الأزمات والمشاكل والتدهور والفساد وضياع ثلث مساحة العراق.
في ولايتيه كانت أسعار النفط تحلق في حدودها المرتفعة، وبدل ان يستفيد منها المواطن العراقي، فانها صار نقمة عليه، حيث استولى عليها الفاسدون في أكبر مرحلة فساد مرت على تاريخ العالم بأسره.
تطلبت معالجة بعض أخطاء المالكي، تقديم عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى من أجل إرجاع المحافظات التي سقطت في عهده، أما المشاكل الأخرى فتحتاج الى جهود سنين طويلة.
يمتلك المالكي شخصية رجل الدولة القوي، لكنه يستخدم هذه القوة ليس من أجل العراق، إنما لتدعيم نفوذه الأسري ونفوذ المحيطين به، وكان من سوء حظ العراق أن المحيطين به يجيد معظمهم فن السرقة واللصوصية بحرفية عالية وجشع لا حدود له.
تحول في عهده، المعدمون المقربون منه الى كبار الأثرياء في المنطقة وليس في العراق فقط. فصار كل شيء في العراق قابلاً للبيع والشراء، القضاء والمناصب الوزارية والقيادات العسكرية. وانتشرت الرشى حتى صارت ظاهرة مألوفة في دوائر الحكومة.
...
ما لا يعرفه الكثيرون أن المالكي في الولاية الثانية، سيطرت عليه فكرة الحكم حتى الموت، فحين وجد ان من الصعوبة ان يفوز بولاية ثالثة، طلب من أحد السياسيين ()، ان يعرض على السيد مسعود البارزاني صفقة العمر، وذلك بان يحصل على تأييد البارزاني، مقابل منح المالكي لإقليم كردستان محافظة كركوك كاملة بأرضها وأهلها.
(حين أكتب هذه المعلومة الدقيقة والخاصة، فأني أؤكد بانه بحسب النتائج الانتخابية، فان الحق كان معه في تشكيل الحكومة، فهو كان صاحب الكتلة الأكبر، وهذا ما أكدته في العديد من المقالات ولا أزال مقتنعاً بذلك).
...
لا يعرف الكثيرون حتى من كوادر وأعضاء حزب الدعوة، أن المالكي يجري اتصالاته السرية مع أكثر القيادات السنية تطرفاً في الطائفية، وفي مقدمتهم الطائفي البعثي المنشأ خميس الخنجر، ولا تزال اتصالاته قائمة حتى لحظة كتابة هذا المقال.
وستكون مفاجأة للكثير عندما أكشف بأن المالكي كان مؤيداً بقوة لعقد مؤتمر القيادات السنية في بغداد بما في ذلك إشراك المطلوبين للقضاء، وقد نسّق ذلك مع سليم الجبوري وخميس الخنجر وغيرهما، بان تعهد لهم بإسكات الجهات القضائية، وبذلك يصبح الطريق سالكاً امام المطلوبين الهاربين من القضاء، لدخول بغداد والحضور في المؤتمر الذي كان مخططاً له، تفجير الأزمات بوجه العبادي. ولو لا موقف العبادي الحاسم باعتقال أي مطلوب بمجرد دخوله الى العراق، واعلانه ذلك في مؤتمر صحفي عقده يوم ٦ تموز ٢٠١٧، لكان المؤتمر قد انعقد في التاريخ الذي حددوه أي في ١٧ تموز.
...
تركزت جهود المالكي في فترة حكم العبادي، على صناعة العراقيل بأي طريقة، وهو حالياً يمتلك شقاً خاصاً من حزب الدعوة، وقد ربط اقطاب هذا الشق، من خلال إغراقهم بوعود وهمية، فراح يوزع عليهم المناصب فيما لو عاد الى رئاسة الوزراء، فوعد عدنان الأسدي مثلاً بوزارة الداخلية، ووعد صلاح عبد الرزاق باعادته محافظاً أو أي منصب آخر يختاره.
يمتلك المالكي جيشاً الكترونياً لا يُستهان به، وقد أولى مهمة ذلك لمستشاريه الإعلاميين، يوزعون الأموال التي جمعها في ولايتيه عليهم، فما من كاتب يعمل في خطه وضمن توجهاته إلا وتصله المكافأة جاهزة بوقتها المحدد.
مع توجهات المالكي الجديدة، ومع اتصالاته السرية بعتاة الطائفيين من السنة الذين دمروا المناطق السنية بعلاقاتهم مع داعش ومع السعودية وقطر، فان المالكي صار وحده خطراً على الشيعة وعلى العراق، فكركوك ستضيع بسهولة بمجرد ان يدعمه مسعود البارزاني، والتمزق الشيعي سيحصل على يديه اذا تطلب الأمر ذلك ليعود الى المنصب، أما حزب الدعوة، فهو لا يعني له شيئاً سوى خشبة يدوس عليها ليبلغ كرسي الرئاسة.
https://telegram.me/buratha
