* الدكتور جمال العلي
حيث كان الجميع على موعد مع حراك 15 سبتمبر وإذا بالسلطة الحاكمة تسرع على حث أبناء المملكة والمقيمين فيها على الإبلاغ عن أي أنشطة تحريضية على شبكات التواصل الاجتماعي، باستخدام تطبيق على الهواتف المحمولة، وهو ما وصفته منظمة هيومن رايتس ووتش بأنها خطوة "استبدادية" يرى المراقبون انها من فعل الحكومة حيث نجحت في جر المعارضة الى الفخ فشنت حملة اعتقالاتها الواسعة الرافضة لسلطة آل سعود بعد فوات الأوان .
الدعوة التي أطلقتها وزارة داخلية النظام على حساب تديره على تويتر نُشرت في وقت متأخر من مساء الأربعاء 13 سبتمبر/أيلول 2017، تقول:"عند ملاحظتك لأي حساب على الشبكات الاجتماعية ينشر أفكاراً إرهابية أو متطرفة يرجى التبليغ فوراً عبر تطبيق #كلنا_أمن#، ونشرت صورة توضح خطوات الإبلاغ عمَّا وصفتها "بالجرائم المعلوماتية"؛ وذلك تزامناً مع حملة واضحة من قبل رموز معارضة محتملة تعيش في المنفى، كانت قد دعت لمظاهرات بعد صلاة العشاء ليوم الجمعة 15 سبتمبر .
تطبيق #كلنا_أمن# كان قد أنشئ في شباط/فبراير الماضي، لكنه كان من قبل متخصصاً في المخالفات المرورية والسرقات، قبل أن يكتسب الآن بُعداً سياسياً.. ثم قام بعد ذلك بنشر تغريدتيين لا علاقة لهما بمسألة المرور، حيث بيَّنت أولاهما ما يندرج ضمن "الجرائم الإرهابية" من "تعريض الوحدة الوطنية للخطر" و"تعطيل النظام الأساسي للحكم أو بعض مواده"، و"الإساءة إلى سمعة الدولة أو مكانتها".
أما التغريدة الثانية فقد اشارت الى أن أي عمل فردي أو جماعي هدفه زعزعة النظام العام يندرج ضمن الأعمال الإرهابية؛ ما يكشف النوايا التي كان يبيتها القائمون على تطبيق "كلّنا_ أمن" من قبل وأن هناك مخطط مدروس جيداً من قبل دائرة حكم محمد بن سلمان ومن يدور في فلكه ضد المعارضين لسلطته داخلياً وفي الخارج، ومن وسط أمراء الأسرة الحاكمة أو غيرها وهو ما أفتضحه مسلسل الاعتقالات التي طالت العشرات من ساكني القصور الملكية والمثقفين والدعاة والنشطاء خلال أقل من ثلاثة أيام .
لابد من الاعتراف أن هاشتاغ #حراك 15 سبتمبر# كان فعلاً مخطط ذكي تمكن من قام به من إسترسال بعض وجوه المعارضة داخل المملكة وفي المنفى ليقعوا في فخ الاستخبارات، فيما كان الحذر سيد موقف المحنكين منهم لكن ذلك لم يكن سبباً مقنعاً ورادعاً لعدم تضمينهم في قائمة الاعتقالات التي كان قد أعد لها مسبقاً من قبل رجال أمن محمد بن زايد بالتعاون مع الدائرة الأولى المقربة من تلميذه محمد بن سلمان ورجله السري القحطاني .
هاشتاغ #حراك 15 سبتمبر# كان يحمل تواقيع معارضين سعوديين يعيشون في الخارج والبعض منهم في الداخل، داعياً الشارع السعودي للخروج في تظاهرة سلمية بعد صلاة العشاء من يوم الجمعة للتعبير عن معارضتهم لأبن سلمان والأسرة الحاكمة، وما آلت اليه المملكة بسبب سياستهم الفاشلة داخلياً وإقليمياً، لتسبب باعتقال العشرات من رجال الدين والمفكرين والنشطاء البارزين الأسبوع الماضي، بينهم أشخاص لا تربطهم صلات واضحة بالإسلاميين، وليس لديهم تاريخ واضح في المعارضة.
منظمة "هيومن رايتس ووتش" الدولية المعنية بحقوق الانسان ومقرها نيويورك نددت بشدة بإجراءات الرياض، حيث قالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في المنظمة لقد "بلغت السعودية مستوى جديداً من الواقع الاستبدادي، عندما تتخطى حدود قمع الأجهزة الأمنية وتستعين بمراقبة مواطنين لتعليقات مواطنين آخرين على الإنترنت". واضافت "القيادة الجديدة في السعودية تظهر سريعاً أنها لا تتسامح مع الأفكار أو الآراء الناقدة، وتحشد المجتمع السعودي لفرض خطوط حمراء بالتجسس على نفسه".
رغم إلتزام السلطة الصمت حول حملة الاعتقالات الواسعة التي شملت العشرات، لكن مصدراَ أمنياً نقلت وكالة الأنباء الرسمية "واس" عنه قال: "رئاسة أمن الدولة تمكنت خلال الفترة الماضية من رصد أنشطة استخباراتية لمجموعة من الأشخاص، لصالح جهات خارجية، ضد أمن المملكة ومصالحها ومنهجها ومقدراتها وسلمها الاجتماعي، بهدف إثارة الفتنة والمساس باللحمة الوطنية"!!، تهمة لطالما أستخدمها النظام السعودي الحاكم في تبرير حملات الاعتقال التي يشنها بين الحين والآخر ضد الناشطين والمعارضين لسياسة القمع التي تعيشها المملكة منذ عقود طويلة، وتضلل على حجم الأعدامات التي تطال أبناء المملكة تحت يافطة "الخروج على الولي" .
يقول مراقبون أن محمد بن زايد يعتبر الأب الروحي وهو المعلم لمحمد بن سلمان حيث سعى الأول كثيراً لإعتلاء الثاني العرش في المملكة لتسنح له الفرصة أولاً - الإنتقام من خصمه محمد بن نايف، وثانياً- الإنتقام من أسرة آل سعود كلها ودفعها نحو الزوال بدعمه لثور هائج إعتلاء العرش في المملكة الأكبر خليجياً؛ فيما كشف تقرير لموقع "ميدل إيست آي" البريطاني في 30 يونيو 2016، عن تلقي الأمير السعودي النصائح من صديقه الإماراتي ليستطيع الحصول على دعم أمريكي ليكون المرشح المفضل لدى الأمريكان في توليه العرش.
"لم يكن وَرَثة العرش في السعودية ودولة الإمارات يعرفان بعضهما بعضا حتى انطلقا في رحلة تخييم بين عشية وضحاها في صحراء السعودية الشاسعة للاستمتاع بهواية الخليج الأولى قبل عام ونصف ترافقهما صقور مدربة على الصيد وحاشية صغيرة.. كانت نقطة تحول في الصداقة المزدهرة بين المحمدين السعودي والإماراتي"- حسب صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية.
ناشطون سياسيون أكدوا معلومات مسرّبة من قبل ضباط يعملون في جهاز المباحث العامة بالمملكة، أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان طلب قائمة أسماء أُعدت في وقت سابق تحوي على عدد كبير من المواطنين من الرجال والنساء الذين حصلوا على تدريب في "أكاديمية التغيير" في الدوحة أبان سنوات الربيع العربي، كما طالب بتقديم أدلة ومستندات إثبات لجميع أنشطة وتحركات الحاصلين على التدريب داخل المملكة في مدينة جدة والمنطقة الشرقية على وجه الخصوص؛ فيما طالب المستشار الإعلامي بالديوان الملكي السعودي سعود القحطاني في 17 أغسطس الماضي المواطنين برصد وتقديم أسماء مَنْ يعتبرونهم "خونة للوطن" لضمهم الى القائمة السوداء من أجل تقديمهم للمحاكمة.
https://telegram.me/buratha
