المقالات

الأنتخابات القادمة؛ الصراع على موطيء قدم..!

6220 2018-01-01

قاسم العجرش qasimJ200@yahoo.com

إذا رأيت حربا يجبن شجاعها، ويجرؤ جبانها، فاصعد الى رابية وانظر جيدا، ترى في الأمر خيانة..هذه إحدى مآثر التراث قالها (قس بن ساعدة الأيادي)؛ وهو قُسُّ بن ساعدة بن حُذَافة بن زُهَير ابن إياد بن نِزَار الإيادي، من حكماء العرب قبل الإسلام، توفي حوالي عام 600 م (حوالي 23 قبل الهجرة)..

ما يجري اليوم على ساحتنا العراقية سياسيا، ينطبق عليه قول حكيم العرب أيما إنطباق..

ربما لم يفت على أي منكم أن المدن العتيقة، تنمو داخليا بشكل تراكمي، فبغداد هذه المدينة الموغلة بالقدم، حتى قبل أن يتخذها المنصور الدوانيقي عاصمة لملكه، هدمت وبنيت بيوتها وحاراتها عشرات وربما مئات المرات، وجيلا بعد جيل يهدم بيت أو عدة بيوت، أو ربما حي بأكمله تدريجيا، ليحل محلها وفوقها، بيوتا وأحياءا جديدة، بساكنين جدد يمتون بشكل ما الى سابقيهم، لكنهم يختلفون عنهم طباعا، وسلوكا، وآمالا ورغبات..

سنة الحياة هي الهدم وبعده البناء، ولا شيء الى ثبات إلا الثابت الأوحد خالق الأكوان، وفي السياسة أيضا تجري على الدوام عمليات هدم من أجل البناء..!

هذه الظاهرة السننية، تتسع قبيل الإستحقاقات الانتخابية، فبعض "البيوت السياسية" يتم ترميمها لكي تناسب ساكنين جدد؛ مع بقاء الآباء وربما بعض الأجداد..!

 بعض الكتل السياسية تتهدم ذاتيا، وتذهب مكوناتها كل الى طريق، بحثا عن بيت جديد..!

 بعضها الآخر، تتكوم على بعضها البعض ركاما بطموحاته ومشكلاته، ليشكل كتلة جديدة، هي عبارة عن كومة مشكلات.!

 بعضها الثالث يتشظى الى الأبد ولا تقوم له قائمة، مكتفيا بالذكريات، أو بما تحت يده من إمتيازات..!

وثمة بعض لا يجد له مكانا في أي بيت جديد، فيبقى محاولا طرق الأبواب عسى أن يسكنه أحد معه، ولكنه يفشل بالعثور على مسكن، لأن المساكن جميعها باتت مشغولة..!

أشباه الرجال ممن لا يجيدون إلا ركوب الموجة، علها توصلهم الى موجة أخرى، يتصدرون المشهد، إذ من موجة الى موجة، وإذا هم ربابنة سفينتنا التي نمخر بها عباب المستقبل..هذا حال كتلنا السياسية هذه الأيام، وهي تسير نحو الإنتخابات النيابية القادمة في نيسان من العام الآتي..

في مجلس النواب؛ صراع بين الساسة حول قانون الإنتخابات، يندرج تحت عنوان البحث عن أدوات تنفعهم؛ في عمليات الهدم والبناء، لتوفير مواطيء قدم في مجلس النواب القادم والحكومة القادمة..

حصل هذا بسببين؛ الأول لأنهم بهلوانات، إستطاعوا إجادة فن إستغفال قسم كبير من الشعب، وإستحمار قسم آخر منه، فتسلقوا على أكتافه، ليصلوا الى مبتغاهم، في مراكز المسؤولية والتمثيل النيابي.

الثاني، وهو ليس عيب فينا، ولكنه حقيقة؛ إذ أننا لا نتوفر إلا على حد بسيط من التجربة السياسية، ولأن الإنسان لا يتعلم مجانا، فقد أنفق شعبنا من عمره سنوات مهمة، وأموالا ضخمة، و..أيضا دماءا عزيزة غالية، لكي يتعلم اللعبة السياسية على أصولها.

بعد قرابة اربعة عشر عاما، اشتد ساعدنا، وقوى عودنا، وزادت معارفنا السياسية، وتراكمت الخبرة لدينا، كما أننا قمنا مرارا وتكرارا بمراجعة لما أنجزناه، ووجدنا أن ما أنفقناه من نفقات أشرت اليها، كان أجسم مما حصلنا عليه؛ من ناتج سياسي ومؤسساتي وأمني وخدماتي..

كلام قبل السلام: الحال هذا يتعين علينا أن نسترد بعضا مما أنفقناه، ممن لم يحسنوا التكليف، فكانوا مثل ما وصفهم الأيادي، وأمامنا في الفصل الأول من عام 2018، فرصة مثالية لتحقيق كل هذا الهدف أو معظمه..!

 

سلام..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك