بالرغم من حداثة تجربتنا, فلم يمر عليها أكثر من بضعة سنوات, بما تضمنته من حرية تعبير, وممارسات ديمقراطية, لكنها بأي حال من الأحوال لا يمكن القول أننا نعيش الديمقراطية.. لكننا نسير صوبها أكيدا, إن نجحنا في الحفاظ على التجربة والعمل على تقويمها.
خلال السنوات القليلة الماضية, بل وحتى ما سبقها, مرت أحداث كبيرة, كادت تزلزل الأرض تحتنا, وتطيح بنا وببلدنا نحو ظلمات ودروب لا تعرف نهايتها, وفي كل تلك الأحداث, إما كنا متفرجين, أو في أحسن الأحوال كان لنا دور, متفاعل مع الحدث, فنحن من يتضرر منه غالبا.. فمتى نصبح صناعا للحدث؟!
يقال أن للحدث صانعين, وهم من يضعون الخطط لتنفيذه, ولديهم غايات وأهداف محددة منه, وهناك متفاعلين مع الحدث, وهم من يحاول الإستفادة من الحدث, ولا يهمهم هدف الحدث, بل ولا يعرفونه أصلا, فهم طفيليون إنتهازيون.. ولنا في كثير من ساستنا نموذج واضح لهذه الطبقة.
هناك أيضا طبقة لها رد فعل تجاه الحدث, وهي تنفذ الحدث, أو ينفذ بها.., رغم أنها لا تعرف الهدف من الحدث, كما أراد له صانعوه, نتيجة لسذاجتها أو قلة خبرتها, أو لمهارة وإحتراف صناع الحدث.. أو لكليهما معا.
أن تكون صانعا للحدث كشعب, يعني كما حصل عند إستجابة الشعب لفتوى المرجعية بالجهاد الكفائي, وغير وضع العراق والإقليم برمته, وأفشل مخطط داعش وما يرافقه, أو أن تخرج بمظاهرات سلمية , أو تنظم حملات مجتمعية, تؤدي لإستقالة الحكومة. محلية كانت أو وطنية.. أو في الأقل تدفعها لإقالة مسؤولين فاسدين أو فاشلين.
أن تكون لك رد فعل نحو الحدث, هو بان تستجيب لقيام الحكومة برفع أسعار الكهرباء بالتظاهر لفترة ما, وتنتهي التظاهرات إلى لا شيء.. وتنفذ الحكومة ما أرادته رغما عنك؟!
صناع الحدث, يخططون ويحددون أهدافهم ويطلقون شرارته.. والمتفاعلون يستفيدون منه.. أما أصحاب رد الفعل أمثالنا, فما عليهم إلا أن يسددوا ثمنه, ويتحملون نتائجه كاملة.
هل سننجح يوما في أن ننتقل من صف دافعي ثمن الحدث, إلى صف صانعيه؟
ربما يمكننا ذلك وبكل سهولة, لكن ليس قريبا جدا.. فصناع حدثنا لا يريدون لنا هذا الدور.
https://telegram.me/buratha