قرائة في نتائج الانتخابات العراقية
حيدر السراي
انتهى زمن القوائم الكبيرة والمحورية ، وما عاد بالامكان ايجاد تحالف من قائمتين او ثلاث فقط قادر على عبور عتبة العدد المطلوب لتشكيل الحكومة ، ووجود قائمة فائزة هو امر رمزي فقط ، فلو كانت هناك بالفعل قائمة فائزة لكان بامكانها تشكيل الحكومة دون الحاجة لانشاء تحالفات وعقد صفقات.
وانتهت ايضا ايام الكذب والخداع وسنكون امام الحقيقة الوحيدة التي يجب الخضوع لها وهي حقيقة تقاسم السلطات والمناصب ، ولذا على الشعب ان لا يمني نفسه بشعارات الاغلبية السياسية ،والوطنية والحياد والتكنوقراط والقضاء على المحاصصة والفساد .
الصورة قاتمة جدا ويمكن بحسبة بسيطة ان نفهمها
يحتاج انتخاب رئيس الجمهورية ثلثي اصوات عدد النواب في مجلس النواب الجديد وهذا يعني 220 صوتا كحد ادنى ويتعين على رئيس الجمهورية تكليف مرشح الكتلة الاكبر لرئاسة الوزراء لاختيار حكومته خلال مهلة زمنية محددة ، والذي يحتاج الى اغلبية بسيطة في مجلس النواب وتعني 165 كحد ادنى.
لنضع هذه الخارطة امام اعيننا ولننظر الى واقع النتائج الانتخابية حيث اعلى القوائم حصلت على 54 مقعد والتي تليها 47 مقعد و42 والباقين لم يتجاوز افضلهم 25 مقعدا ، هذا يعني ان تشكيل التحالف الاكبر لن يكون ممكنا حتى لو اجتمعت اكبر اربع قوائم فائزة ، ومع التشرذم الكبير في الاراء والعداء المستحكم بين الكتل والقوائم والتحالفات والاحزاب ، في ظل حملة انتخابية انتهكت كل قوانين المنافسة الشريفة سيجد هؤلاء ان لا مفر من اجتماع المتناقضات في تكتل واحد كبير ، لكن كيف سيتم اقناع كل هؤلاء بالدخول في تحالف واحد والتصويت لمرشح احد الفرقاء ؟؟
من السذاجة الحديث عن تقديم المصلحة الوطنية العليا على مصلحة القائمة او الحزب ، لا اقل من ان اي قائمة لن تتمكن منفردة من تطبيق برنامجها الانتخابي بكل جوانبه ، في الحقيقة هناك طريق واحد يتيم لتشكيل الحكومة وكل طريق غيره سيكون ضربا من الخيال والمثالية ذلك هو طريق المحاصصة وبالتالي لا يمكن ان تتجمع هذه الكتل المتنافرة في تكتل كبير واحد ما لم تكن هناك حصص ومغريات لكل قائمة تجعلها ترغب في الدخول الى التكتل الاكبر ، لتحقيق جزء من برنامجها الانتخابي عن طريق وزير او عضو في الرئاسات الثلاث في افضل الظروف.
ماذا يعني كل ذلك ؟؟
انه ببساطة يعني اننا سنكون امام برنامج حكومي هجين من كل البرامج الانتخابية وسيكون ولا شك مشوها بل ومتناقضا ايضا ، كما سنكون امام حصص وزارية وادارية ومحاصصة حزبية في المناصب ستكون الاسوء منذ 2003 لانها تجاوزت الطائفية المجتمعية الى طائفية حزبية ورأينا كيف تم تقسيم المقسم وتجزئة المجزء في التحالفات الانتخابية ، وستصل المحاصصة الى المناصب الدنيا بصورة بشعة جدا كالمدراء العامين ووكلاء الوزارات وحتى مدراء الاقسام.
الاسوء من كل ذلك ان هذا الصورة التي نتحدث عنها لن تنتج الا بعد مخاض عسير بين الكتل والقوائم قد يمتد لعدة اسابيع وربما عدة اشهر ، وهو ما يعني ان يعيش العراق فراغا دستوريا يمكن ان يتسبب بخروقات امنية.
لست متشائما لكن الواقع ربما يكون اكثر بؤسا مما نتصور ، واعتقد ان تجربة انتخابات 2018 ستلقي بظلالها على الوضع العراقي بصورة مؤثرة.
https://telegram.me/buratha