المقالات

السياسة في جانبها الاقتصادي

2417 2018-06-10

حيدر السراي
قطعت السياسة شوطا بعيدا نحو التعقيد لو قورنت بالصور الاولى للانظمة السياسية ، فبينما نجدها في ابسط صورها عبارة عن قائد اعلى وبيت مال وعسكر ، نراها تنتقل الى التعقيدات الكبرى في الحراك والعمل والتنظير.
يعود ذلك للتشعب الكبير في الموارد الفكرية والمادية وتنوع الثروات وطرق توفير المال وتعقيدات الانظمة الاقتصادية الحديثة .
فعندما نقارن السياسة الحديثة للدول والاقطاب العالمية والتحالفات الدولية مع سياسة العصور الوسطى او القديمة سنجد الفرق شاسعا فيما بين الانظمة السياسية المختلفة ، لنبسط الامور الى ابسط ما يمكن :
ففي العصور الوسطى والقديمة لم تكن هناك انظمة مصرفية لتداول الاموال وليست هناك عملات ورقية تعويضية عن العملة الحقيقة وهي الذهب والمعادن الثمينة ، وتتم التجارة بصورة عامة بالمقايضة المباشرة ما بين المادة والمعدن الثمين.
في الموارد لم تكن هناك ثروات نفطية وغازية ، وفي المقابل لم تكن هناك ثورة صناعية تتطلب تلك الموارد ، وفي النتيجة لم تكن متطلبات الشعوب معقدة ، فهي لا تعرف الكهرباء ولا وسائل التواصل ولا التلفاز ولا وسائل النقل الحديثة الخ ، وكل ما كانت تحتاجه البشرية هو الماء والغذاء والمسكن وبعض المتطلبات الحياتية البسيطة الاخرى ، ولذلك كانت السياسة ترتبط بهذه المنظومة الاقتصادية البسيطة 
السياسة ايها الاعزاء ترتبط ارتباطا وثيقا بالاقتصاد والموارد ، ولان هذه الموارد هي ذاتها المستخدمة في كل اصقاع الارض ونقصد هنا الموارد " المعدنية ، والغازية ، والنفطية ، والمائية، والزراعية ، وغيرها ، والثورة المصرفية التي استبدلت العملات المعدنية بالعملات الورقية المغطاة بالذهب والتي احتاجت الى انظمة مصرفية عالمية معقدة يصعب فهمها ، كل تلك المعطيات تجعل من الطبيعي ان تتعقد اليات وظروف الصراع والسياسة لتتعدى الدول المتجاورة الى الانظمة التي لا ترتبط بأي حدود جغرافية فيما بينها ، ومن هذا المنطلق ايضا نرى مشاهد الصراع تتوسع والتصارع على مناطق الثروات يتزايد ، وليست هناك تفسيرات منطقية لتحرك الجيوش والاساطيل الى بلدان تبعد عن اراضيها الالاف الكيلومترات غير العامل الاقتصادي الجوهري في الانظمة الحديثة ، ويكشف لنا العالم اليهودي الاصل والامريكي الجنسية " ناعوم تشومسكي" بعضا من اعماق هذه السياسة في بعض ما كتبه تحت عنوان " اسلحة صامتة لحروب هادئة"
ولو لا هذا النظام العالمي الاقتصادي المصرفي لما تمكنت امريكا ان تفرض عقوباتها الظالمة على ايران وعلى دول كبرى كروسيا مثلا ، وان يتم انهاك الدول وتغيير الانظمة عن طريق الحصار الاقتصادي والتجاري.
يبدوا واضحا مما سبق ان السياسة في جانبها الاقتصادي معقدة جدا واننا لا نرى منها سوى قمة الجبل وظواهر الاحداث ، ولذلك فمن الحكمة ان لا يتعجل الاخوة في مواقع التواصل الاجتماعي للبت في بعض الاحداث السياسية ذات الجنبة الاقتصادية منذ الوهلة الاولى ، ويقال دائما ان الصور الاولى خداعة فلربما تظهر لنا صورة قاتمة جدا من حدث ما ويظهر فيما بعد انه عين الصواب ولربما يحدث العكس ايضا ، وفي كل الاحوال ، ينبغي التأمل كثيرا قبل ابداء الرأي في الاحداث السياسية ، التي تكون مرتبطة في العادة بالجانب الاقتصادي.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك