المقالات

السياسة في جانبها الاقتصادي

2284 2018-06-10

حيدر السراي
قطعت السياسة شوطا بعيدا نحو التعقيد لو قورنت بالصور الاولى للانظمة السياسية ، فبينما نجدها في ابسط صورها عبارة عن قائد اعلى وبيت مال وعسكر ، نراها تنتقل الى التعقيدات الكبرى في الحراك والعمل والتنظير.
يعود ذلك للتشعب الكبير في الموارد الفكرية والمادية وتنوع الثروات وطرق توفير المال وتعقيدات الانظمة الاقتصادية الحديثة .
فعندما نقارن السياسة الحديثة للدول والاقطاب العالمية والتحالفات الدولية مع سياسة العصور الوسطى او القديمة سنجد الفرق شاسعا فيما بين الانظمة السياسية المختلفة ، لنبسط الامور الى ابسط ما يمكن :
ففي العصور الوسطى والقديمة لم تكن هناك انظمة مصرفية لتداول الاموال وليست هناك عملات ورقية تعويضية عن العملة الحقيقة وهي الذهب والمعادن الثمينة ، وتتم التجارة بصورة عامة بالمقايضة المباشرة ما بين المادة والمعدن الثمين.
في الموارد لم تكن هناك ثروات نفطية وغازية ، وفي المقابل لم تكن هناك ثورة صناعية تتطلب تلك الموارد ، وفي النتيجة لم تكن متطلبات الشعوب معقدة ، فهي لا تعرف الكهرباء ولا وسائل التواصل ولا التلفاز ولا وسائل النقل الحديثة الخ ، وكل ما كانت تحتاجه البشرية هو الماء والغذاء والمسكن وبعض المتطلبات الحياتية البسيطة الاخرى ، ولذلك كانت السياسة ترتبط بهذه المنظومة الاقتصادية البسيطة 
السياسة ايها الاعزاء ترتبط ارتباطا وثيقا بالاقتصاد والموارد ، ولان هذه الموارد هي ذاتها المستخدمة في كل اصقاع الارض ونقصد هنا الموارد " المعدنية ، والغازية ، والنفطية ، والمائية، والزراعية ، وغيرها ، والثورة المصرفية التي استبدلت العملات المعدنية بالعملات الورقية المغطاة بالذهب والتي احتاجت الى انظمة مصرفية عالمية معقدة يصعب فهمها ، كل تلك المعطيات تجعل من الطبيعي ان تتعقد اليات وظروف الصراع والسياسة لتتعدى الدول المتجاورة الى الانظمة التي لا ترتبط بأي حدود جغرافية فيما بينها ، ومن هذا المنطلق ايضا نرى مشاهد الصراع تتوسع والتصارع على مناطق الثروات يتزايد ، وليست هناك تفسيرات منطقية لتحرك الجيوش والاساطيل الى بلدان تبعد عن اراضيها الالاف الكيلومترات غير العامل الاقتصادي الجوهري في الانظمة الحديثة ، ويكشف لنا العالم اليهودي الاصل والامريكي الجنسية " ناعوم تشومسكي" بعضا من اعماق هذه السياسة في بعض ما كتبه تحت عنوان " اسلحة صامتة لحروب هادئة"
ولو لا هذا النظام العالمي الاقتصادي المصرفي لما تمكنت امريكا ان تفرض عقوباتها الظالمة على ايران وعلى دول كبرى كروسيا مثلا ، وان يتم انهاك الدول وتغيير الانظمة عن طريق الحصار الاقتصادي والتجاري.
يبدوا واضحا مما سبق ان السياسة في جانبها الاقتصادي معقدة جدا واننا لا نرى منها سوى قمة الجبل وظواهر الاحداث ، ولذلك فمن الحكمة ان لا يتعجل الاخوة في مواقع التواصل الاجتماعي للبت في بعض الاحداث السياسية ذات الجنبة الاقتصادية منذ الوهلة الاولى ، ويقال دائما ان الصور الاولى خداعة فلربما تظهر لنا صورة قاتمة جدا من حدث ما ويظهر فيما بعد انه عين الصواب ولربما يحدث العكس ايضا ، وفي كل الاحوال ، ينبغي التأمل كثيرا قبل ابداء الرأي في الاحداث السياسية ، التي تكون مرتبطة في العادة بالجانب الاقتصادي.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك