أمل الياسري
ليس من الضروري أن يكون كلامي مقبولاً، ولكن من الضروري أن يكون صادقاً، لأجل العراقيين الذين أثخنتهم جراحات الحروب والمآسي، وفوق هذا أبتلينا بقادة لا يفقهون سوى المكاسب والمصالح، وإن كنا قد أستبشرنا خيراً بالنظام الجديد بعد سقوط الطاغية، فإن أمريكا ومَنْ تحالف معها، أرادوا لنا دفع ضريبة كبيرة على الفتح الديمقراطي الذي أوفدته إلينا، فها هو الرئيس الأمريكي، يعلن عن جملة من الملفات الساخنة، ستُرغم العراق على الرقص مع الذئاب، ومعها ترامب الثور الهائج!
رأى عصفور فخاً، فقال: مَنْ أنت؟ فأجاب: الفخ، فسأله العصفور: لمَ جلستَ على التراب؟ فرده: تواضعاً لله، فسأل: فلمَ إنحنى ظهرك؟ فردَّ: من خشية الله، فسأله: فلمَ شددتَ وسطكَ؟ فردَّ: للخدمة، فسأله: وهذه القصبة؟ فقال:عصا أرتكز عليها، فقال: وهذه الحبة؟ أجابه: أتصدق بها، فسأله: أيجوز أن ألتقطها؟ فقال: نعم إن إحتجتها، فدنا العصفور فإنطبق عليه الفخ، فقال: قل ما شئتَ فما لخلاصك من سبيل، فقال العصفور: اللهم أعوذ بك من شخص، ذلك قوله وهذا فعله!
الفخ الذي يواجه العراق هي أمريكا، ووفقاً لرؤية رئيسها الأحمق ترامب بتصريحاته، إنما تنمُ عن حقد كبير تجاه العراق، حيث خاض الحرب على الإرهاب نيابة عن العالم، رغم تصاعد الإعتراضات عليه، حتى من الداخل الأمريكي نفسه، فمهمة سياسة الرئيس، إستحصال الدولارات الخضراء، ولا علاقة له بالإتفاقيات السابقة، المبرمة بين أمريكا وبقية الدول، وكأنه مقتنع بحكمة: (عليك أن تكون كالسلحفاة في الطريق الصحيح، على أن تكون غزالاً في الطريق الخطأ)، والطريق الثاني هو ما أختاره ترامب.
العراق بمثابة العصفور، والفخ هي أمريكا، والحبة كأنها النفط، الذي من المفترض أننا نملكه، لكن عقود التراخيص الرخيصة، جعلت منه عطية يتصدق بها أصحاب الشركات النفطية على العراقيين، فإنطبق الفخ علينا، بشكل بان الإنهيار فيه على ميزانية الوطن، وعلى المواطن الذي وصل لخط الفقر في بعض المحافظات العراقية، وضاق العراقيون ذرعاً بكل المهاترات والمناكفات السياسية، التي لم يدفع ثمنها سوى أبناء العراق الصابرين، والفخ الأمريكي ما يزال ناجحاً في إبتلاع خيراتنا، رغم أن للصبر حدود.
أمريكا وحلفاؤها من أذناب الوهابية المتطرفة، بذلوا محاولات كبيرة وكثيرة لإذلال العراق، وتحطيم معنوياته وإشاعة روح التخاذل في المجتمع، وكأن العراقيين يعيشون بلا هدف ولا غاية، ولم ينتبهوا لصمام الأمان المرجعية الدينية الرشيدة، التي جمعت العراق على كلمة واحدة، رغم الصعاب التي ألمت به، بقي أن نرسل رسالتنا بصيغة (نحن العراقية)،وليست الأنا المنفردة، لأن (نحن) تعني أن ربيع العراق سيقتحم شتاء أمريكا، ولن تنطلي علينا حيلة الفخ، والعصفور، والخدمة، والصدقة، فأمريكا شيطان أكبر لا غير.
عراق ما بعد إنتخابات (12/5/2018) شهد ملفات أكثر سخونة من سابقاتها، فسيمفونية التزوير وحرق صناديق الإقتراع في مخازن المفوضية، ألقى بظلاله على المشهد السياسي والمواطن العراقي، فقد يقع البلد في فخ الفراغ الدستوري، وستبقى عملية إعادة العد والفرز اليدوي، بمثابة العصا التي ترتكز عليها النتائج فيما بعد، خاصة وأن مجلس النواب الحالي قد شدَّ وسطه البرلماني للخدمة، مثمناً دور المحكمة الإتحادية لحياديته ونزاهته، والقضاة الذين تم تسميتهم للمفوضية العليا للإنتخابات، انحنت ظهورهم للخروج بقرارات جريئة.
ما نوع الحبوب التي ستُخدَر بها عقول العراقيين، بعد عملية العد والفرز اليدوي؟ وما الذي دعا المفوضية السابقة للإعتماد على الفرز الإلكتروني، والتي كلفت الدولة مبالغ طائلة، ثم يحدث حريق لصناديق الإقتراع؟ وما دور نواب الدورة البرلمانية الحالية فيما يحدث، ومَنْ يقف وراء مسرحية تداعيات الإنتخابات ومَنْ المستفيد؟ إنها مزيد من الأفخاخ تنصبها الدول والعملاء المعادون للعملية الديمقراطية، بغية الإلتفاف عليها لزعزعة إستقرار الوطن والمواطن، لذا اللهم نعوذ من أي شخص ذلك قوله وهذا فعله.
https://telegram.me/buratha