خالد غانم الطائي
ان أول من ادعى الأفضلية هو إبليس اللعين كما أخبرنا بذلك كتاب الله تعالى حكاية عنه عندما رفض السجود التكريمي لأبينا آدم(عليه السلام)...
وقد يلجأ البعض إلى حمل معاول الهدم من اجل الضرب في أركان شخصية الآخرين والحط والانتقاص من شأنهم ولعل الدافع النفسي الذي يضغط بشدة على صاحبه لمزاولة هذا السلوك هو الشعور بالنقص في بناء الشخصية أي إن هنالك خللا يحاول صاحبه تغطيته من خلال مهاجمة غيره ومحاولة الظهور بأنه الأفضل...
يقول علماء النفس: إن المرء ما هاجم غيره وانتقص منه إلا لشعوره بنقص، وثقافة تسقيط الآخرين هي بلا ادنى شك ثقافة مريضة وهذا التسقيط ينقسم إلى أقسام شتى منه التسقيط السياسي فالبعض يحاول إثبات أو ادعاء إن حزبه أو منظمته أو حركته أو غيرها من التسميات هو على الصواب والاستقامة أما غيره فلا، فيعمد إلى إتباع أسلوب التشنيع والاتهام والقذف بحق الآخرين جاعلا من ذلك سبيلا لهدم شخصية غيره (الحقيقية أو المعنوية) بهدف إلغاء للآخر والظهور بمظهر الأفضل والأقوى. وهناك ألوانا أخرى للتسقيط منها التسقيط الاجتماعي سواء أكان ذلك في الجانب الوظيفي أو الدراسي أو الثقافي، والتسقيط الديني والذي هو من أخطر وأبشع ألوان التسقيط الذي يهدف إلى فصل عوام الناس عن رجل الدين باعتباره قدوة صالحة للمجتمع وباستهداف شخصيته للحط منها وهو ضربة صميمية قاتلة للثقة التي تربطه بغيره،
ومن الأساليب المستخدمة لذلك هو البهتان والذي يقوم بإضفاء ونسبة الصفات والمعايب والمثالب غير الموجودة في شخصية الرجل المعاب عليه، وقد حذر الرسول الأقدس (صلى الله عليه وآله) من البهتان بالقول: (إن البهتان يوجب عذاب القبر).
وكذلك الكذب وهو الإخبار بما لا يطابق الواقع وهو من اشد المحرمات وكلها أساليب شيطانية تبعد الإنسان عن رضا خالقه سبحانه وتعالى وتحط من إنسانيته وتقذف به في مستنقع الرذيلة حتى يبتلعه ويختفي فيه مثال الإنسان الذي جعله الله عزوجل خليفة له في أرضه قال تبارك اسمه (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة) سورة البقرة الآية 30.
بل على العكس تماما فأن الإنسان الذي تتجلى فيه قيم الإنسانية الحقة هو من يسعى للتغاضي عن عيوب غيره فالإنسان لا تخلو شخصيته من نقائص فإذا سعى إلى إصلاحها واشتغل بتقويم وتهذيب نفسه اشتغل عن عيوب غيره لكثرة ما يجده في نفسه من عيوب ونقائص ومثال ذلك من اشتغل بترميم وإصلاح بيته فأنه سينشغل عن الالتفات إلى نقائص بيوت غيره وكفى المرء اشتغالا بعيوبه وقد ورد عن النبي الأكمل (صل الله عليه وآله) قوله: (عظموا أنفسكم بالتغافل).
وعلى الإنسان إن يعلم إن إصلاح المجتمع يبدأ من الذات وقد قال العلي العظيم في قرآنه المجيد (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) الرعد الآية 11، وكذلك لابد للإنسان من أن يتبين مواطن الضعف والخلل في نفسه حتى يقوم بمحاربتها كي تضمحل شيئا فشيئا حتى تتلاشى وان يعزز مواطن القوة في نفسه ويبدأ بتعزيزها وتثبيت أركانها وبالتالي يكون قدوة صالحة لغيره وكما أوصانا أئمة الحق أئمة أهل البيت عليهم الصلاة والسلام بقولهم (كونوا لنا دعاة صامتين) أي إن ندعو الناس إلى نهجهم الشريف من خلال تحويل النظرية وتجسيدها إلى واقع ملموس أي الخروج من حيز التنظير إلى حيز التطبيق العملي الذي يتبلور في مصاديق خارجية.
https://telegram.me/buratha