عبد الكاظم حسن الجابري
لا شك أن ما يعانيه العراق ومواطنيه, أمر مؤلم ومحزن, فقلة الخدمات, وانعدامها في بعض المناطق, وسوء الإدارة, والفساد المستشري في مؤسسات البلد, كلها أمور أوصلت المواطن الباحث عن حقوقه إلى مرحلة السخط والحنق على الطبقة السياسية عامة, معتبرا إياها السبب في كل ما وصلنا إليه.
هذا الحال وغياب الحلول, أوصل الوضع إلى حد الانفجار, فخرج المواطنون بتظاهرات عارمة, منددين بالفساد وبالخراب السياسي.
التظاهر حق مكفول دستوريا, وللمواطن حق ممارسته في الأطر السلمية, وعدم الاعتداء على الأملاك العامة والخاصة, ولا يملك أحد الصلاحية في انتزاع هذا الحق من المواطنين.
تنوعت وتعددت مطالب المتظاهرين, واختلفت أيضا من منطقة إلى خرى ومن محافظة إلى غيرها.
بعض المطالب كانت واقعية وعقلانية وممكنة التطبيق, وعدم تنفيذها يعد تقصيرا حكوميا, كما وإن الإجراءات اللازم اتخاذها لتنفيذ هذه المطالب ليست صعبة, لكنها تحتاج إلى نية صادقة وعزم من المعنيين لتنفيذها.
يقف على الطرف الآخر مطالب غير عقلانية, وكذلك مطالب غير قابلة للتطبيق, وأخرى لغرض تطبيقها فهي تحتاج إلى إجراءات دستورية وتشريعية وقانونية معقدة.
إن المناداة بالثورة و"سحل" الفاسدين, وإلغاء العملية السياسية كلها, مطالب غير عقلانية, وهي مرفوضة تماما, فنحن نعيش في عملية ديمقراطية, قاعدة التغيير فيها هي الانتخابات, وما عداها فهي آليات غير صحيحة, قد جربها العراقيون في أزمنة سابقة, ولم تنتج لهم إلا حكومات دكتاتورية أورثت الخراب والدمار في البلد.
المطالب المنادية بتقليل أعداد البرلمانين, وتلك التي تدعو إلى التحول لنظام رئاسي, وإلغاء مجالس المحافظات, هي مطالب غير قابلة التحقيق في الوضع الراهن, وهي مطالب تحتاج إلى تشريعات دستورية خاصة, كما وتحتاج إلى تصويت الشعب عليها لتأخذ مسارها للتنفيذ.
الحقيقة المهمة التي يجب أن تقال, هي أن على المتظاهرين توحيد مطالبهم, وتشكيل لجان قانونية تمثلهم, لطرح المطالب في الأطر الدستورية والقانونية, وأن تكون هذه المطالب عقلانية قابلة للتطبيق, ولا يمكن لأي أحد أن يتحجج بذريعة ما بعدم تنفيذها, وعند ذلك سيتم تشخصي الخلل تماما, ومعرفة من هو المعوق الذي يقف أمام تقديم الخدمة للمواطنين, وأين الخلل وقتها, هل هو في البرلمان أم الحكومة أم الحكومات المحلية؟.
https://telegram.me/buratha