مجيد الكفائي
ما إن يحدث عمل إرهابي او اجرامي في أي منطقة أو مدينة في العراق حتى تسارع الأجهزة الأمنية إلى قطع الشوارع والطرق بوجه السيارات والعربات وتمنع دخولها إلى المدن بحجة الحفاظ على أرواح المواطنين ومنع دخول الإرهابيين وسياراتهم المفخخة او المجرمين إلى المدن والإحياء في جميع أنحاء البلاد. وما يلفت النظر أن الأجهزة الأمنية اثر انتشارها بكثافة بعد التفجيرات او الاعمال الاجرامية تصب جام غضبها على المواطنين وكأنهم من نفذ العمل الارهابي او الاجرامي أو زرع العبوة متناسين أن العمل الارهابي او الاجرامي سببه إما إهمال وتقصير من الأجهزة الأمنية، أو ضعف في خططها الإستخبارية وبدائية الأساليب والأجهزة المستعملة في التفتيش داخل نقاط السيطرات وبوابات المدن، وان المواطن المسكين ليس له دخل في ما يحدث، فهو ليس أكثر من ضحية لا يدري متى تحين ساعته.
والغريب أيضا أن الأجهزة الأمنية تقوم بغلق المدن نهائيا بوجه السيارات ليس بعد التفجيرات فقط، وإنما في المناسبات والاحتفالات وفي تفويج الحجاج وتوديعهم, وفي الأشهر المقدسة كشهر رمضان ومحرم وصفر وأيام الأعياد والمناسبات الدينية والوطنية وبالحجة نفسها، وهي الحفاظ على أرواح المواطنين، متناسية أن هذا العمل ليس فيه من الحرفية شيء ولا يرضي أحدا ولا يحفظ أرواح الناس أو ممتلكاتهم، وإن دل على شيء فإنما يدل على عجز كبير في قدرات الجهاز الأمني.
ومن المضحك أن الأجهزة الأمنية تظن أن غلق المدن في وجه السيارات والعربات ، وتحويل المدن إلى معسكرات خالية إلا من (المشاة) هي خطة أمنية محكمة ولا مثيل لها، ثم تعلن بعد انتهاء المناسبة نجاح تلك الخطة، رغم ما يتخللها من "خروقات اوتفجيرات اوقتل" ولم تدر أنها أسهمت بشكل أو بآخر في تلك التفجيرات وسهلت للإرهابيين والمجرمين قتل الناس عبر تطبيق خطة ليست أمنية ولا علمية ولا منطقية وغير صحيحة ولا تمت للخطط بصلة.
إن أي خطة أمنية أساسها غلق الطرق والمدن بوجه السيارات لن تفيد بشيء حاضرا أو مستقبلا، ما لم يراع في تطبيق الخطط الأمنية استخدام التكنولوجيا الحديثة والأجهزة المتطورة في الكشف عن المجرمين وما بحوزتهم من أسلحة ومتفجرات.
إن أي بائع طماطة، مع احترامي له ولمهنته، يستطيع، إن وضع رئيسا لجهاز الأمن، أن يقطع الطرق.. ويمنع دخول الناس والسيارات للمدن.. ويعرقل ويشل حركة الأسواق.. ويثير القلق والذعر لدى المواطنين، لكنه لن يستطيع منع دخول الأحزمة والعبوات الناسفة والإرهابيين إلى المدن، لأن ذلك يحتاج إلى خبرة أمنية وعسكرية وتدريب وأجهزة رصد، وهذا ما ينبغي أن تتسلح به الأجهزة الأمنية وتلتفت إليه وتعمل على وفقه وتترك تلك الطرق البدائية في البحث والتفتيش (من اين جاي وين رايح) وتتناسى قطع الشوارع وغلق المدن في المناسبات وبعد التفجيرات وفي كل الاوقات ولأي سبب.
صحيح أن واجب الأجهزة الأمنية حفظ الأرواح والأموال، ولكن من واجبها أيضا تأمين حياة طبيعية عادية للناس وحركة مرور آمنة وبطرق وأساليب حديثة لا تؤثر في سير الحياة ولا تسهم في تعطيل الأعمال وقطع الأرزاق وتحويل المدن إلى (معسكرات) وعرقلة ومنع الناس من الوصول إلى أعمالها وتأخير عمل الكسبة وأصحاب المهن والمحلات وإعاقة وصول المرضى إلى عيادات الأطباء بسياراتهم من دون عناء. هذا هو الواجب الحقيقي وعليها أن تبدع في تأديته.
حفظ الأمن والأرواح يتطلب وجود خطط أمنية متكاملة وأجهزة رصد متطورة، كما هو معمول به في الكثير من الدول (المستقرة)، حيث تنتشر في جميع الشوارع كاميرات مراقبة ترصد الصغيرة والكبيرة ولن تغفل أعينها عن مراقبة تحركات الجميع، ولو قدر الله وارتكبت جريمة في شارع من تلك الشوارع فان المجرم سيقع في ايدي الشرطة خلال دقائق وليس أياما.
قطع الشوارع ليس حلا صحيحا (يا أجهزتنا الأمنية)، بل إهانة للشعب واستخفافا به.. ابحثوا عن كفاءات أمنية لتضع خططا مدروسة تحمي الناس وتحفظ أرواحهم وممتلكاتهم، فان لم تكن هناك كفاءات عراقية عسكرية أو أمنية استعينوا بخبراء أجانب في هذا المجال، فهذا ليس عيبا، لكن أن يبقى غلق الشوارع وقطعها مستمرا
وفي كل يوم فهذا ما لا يرضاه احد.
https://telegram.me/buratha