عمر اللامي
كان ولا يزال أكثر ما يستوقفني ويشعرني بالبهجة حين ازور مسقط راسي في ميسان هو الامثال والحكم التي ينطق بها أهلي وعشيرتي هناك ، ولعل المثل الذي يقول إن (حرامي الهوش يعرف حرامي الدواب) هو واحد من الأمثال المشهورة والمحببة لدى أهل الجنوب خاصة والعراق عامة والذي له قصة جميلة حين اتفق لصوص الجاموس والأبقار بعدم سرقتها فيما تعهد لصوص الأغنام بعدم السرقة أيضا لتزداد السرقات بعد فترة ويتضح إن كل جماعة أصبحت تسرق من النوع الأخر .
وهي قصة طريفة تنطبق على واقعنا الحالي فيما يخص مخصصات مجلس النواب المنتهية دورته والتي أصبحت الشغل الشاغل للعراقيين ، ولعل أكثر ما يثير العجب في هذه القضية هو موقف رئيس الجمهورية السيد فؤاد معصوم والذي عرف عنه تجاهله التام لكل مايدور في الساحة العراقية من إحداث حتى دخل دائرة التندر في بعض الأحيان ، ويعلق اغلب العراقيين عن تجاهله لما يحصل لهم من مأسئ بالقول إن الرئيس نائم لعن الله من أيقضه ، ليستيقظ الرئيس على حين غرة ويصدر مرسوماً يخص تقاعد وامتيازات النواب في ظل ظروف البلاد التي تشتعل بالمظاهرات التي تنذر بخطر أكبر ، هل تعمد الرئيس اختيار التوقيت أم إن الجهل السياسي وصل إلى مراتب الدولة العليا .
وغير بعيد عن رئيس الجمهورية خرج علينا رئيس الوزراء السيد حيدر العبادي ليعلن انه ضد الموضوع جملا وتفصيلاً ويقدم طعنا لدى القضاء ، متناسياً إن إفراد حزبه وكتلته وقعوا جميعا بالموافقة على القانون ، فقد كان الأجدر بالسيد العبادي ان يطلب منهم عدم التوقيع بدلا إن تثور ثائرته ويلجاً إلى القضاء أم إن الأمر هو مجرد تصريح أخر من تصريحات السيد العبادي التي أكل عليها الدهر وشرب ومل الشعب وهو يسمع انه سيضرب بيد من حديد ويقضي على الفساد والخ الخ الخ .
ليكتمل الركب بعدد من النواب اللذين وقعوا بالموافقة وخرجوا للإعلام وهم يستنكرون ويشجبون هذه الامتيازات التي وقعوها لأنفسهم وينددون حالهم كحال الشعب المسكين ، المصيبة إن كل هؤلاء يتصورن إن الحيلة قد انطلت على الشعب وإنهم مقنعين بهذه الأدوار التي يمثلونها علينا ، وفي النهاية فأن اللصوص مهما اختلفت مسمياتهم أو طرق سرقتهم فأن حرامي الهوش يعرف حرامي الدواب
https://telegram.me/buratha
