المقالات

ظاهرهُ مغرٍ وباطنهُ خواء

2009 2018-08-06

أمل الياسري
(مَنْ أحبنا أهلَ البيتِ فليتخذْ من الفقرِ جلباباً، مَنْ أحبنا أهلَ البيتِ دعّهُ البلاءُ دعّاً) ما أروعكَ يا أميرَ المؤمنين، ومَنْ سواكَ للمؤمنين أمير، مأثرة من مآثر الإمام علي (عليه السلام)، بأن يطلب منا أن نكون بمستوى عالٍ من الأداء، حتى عندما يختبرنا الباريء عز وجل بمختلف أنواع البلاء فطريق الحق لا يمكن إختزاله بالتدين والإيمان بالظواهر الشكلية فقط بل أن يتوافق السلوك الباطن مع الظاهر وإلا فبعض الناس ظاهرهم مغرٍ وباطنهم خواء وهم كثرٌ. 
بعيداً عن الصخب المجتمعي، كم من الناس يضعون لأنفسهم خارطة طريق للتغيير نحو الأفضل، وكم منهم مَنْ وصل لقناعة حول الدنيا ولهوها وزينتها الزائفة؟ وهل يفكر في أن الموت يأتي بلحظات؟ وكيف أمضى رحلته؟ لذا تجد الشخص الواعي لا يخاف الموت ما دام على الحق، رغم انه ليس بمعصوم عن الزلل، وعليه إذا فقد الإنسان الرؤية يصبح بلا بوصلة، وتتلقفه الرياح يميناً وشمالاً، ويعمل لكن بلا نتيجة، فهو لا يقف على أرضية راسخة. 
(الإنعزال كدودة القز تشتغل ليل نهار وتعمل شيئاً مهما، ولا تعرف أنها تحيط نفسها بهذا الخيط يوماً بعد آخر حتى يكتمل العمل، فتموت حين يغلق أي منفذ للهواء، ومن المؤكد الإستفادة من نتاجها لكنها تموت)، والمصاديق كثيرة عن هذه العبارة البليغة، فهناك بعض الناس ينعزلون في عالمهم الإفتراضي (جنة الفردوس) ليلاً ونهاراً، فيموتون في الحياة لأن بنيتهم الإيمانية ليست قوية كفاية، لتتحمل خيوط الشبكات الدنيوية التافهة متوهمين بالعمل الخلاق، فيتكسرون على صخور التحديات. 
قد يصطدم الإنسان بكثير من المطبات، من خلال قناة تتمدد داخل نفسه الأمارة بالسوء، ويستخدمها للتستر والهروب من واقعه المريض، فالمفترض أن الدنيا دار بلاء وإبتلاء، وعليه أن يوطن نفسه على (الإمتحان، الصقل، الإختبار، العزيمة، التجربة، الحكمة، التوبة النصوح)، ويعتقد بأن الذنب مكرمة أخلاقية وهو في أصله ذميمة، يحاسبه الله عليها في الآخرة، ولكن من متعظٍ واعٍ ليدرك فوارط أمسه بمناقب يومه؟ وإن لم يفكر ويتدبر فيسكون ضحية للغزو الشيطاني، وهزيمته مؤكدة . 
النضج الحقيقي للإنسان هو أن تبدأ بالتوكل لتكون عظيماً بالفعل والقول، حتى وإن تجلببت بلباس الفقر والزهد، فيكفيك فخراً وعزة أن معلمك يعسوب الدين، الإمام علي بن أبي طالب (عليهما السلام) فهذا طريق شائك يجلب لك البلاء والأعداء، فأما الأول فطوبى لمَنْ صبر واحتسب عند خالقه، وأما الثاني فموتوا بغيظكم، فما ترونه أيها المرضى يعكس حقيقتكم وليس حقيقتي أنا، وخير رفيق للألم والبلاء، هو الأمل الذي يُخرِج الحقيقة كالماء، فظاهري وباطني ليس خواء. 
بعد كل ما قلت هناك سؤال خطير موجه للساسة: هل أنتم مع علي وجلبابه أم لا؟ والأكثر خطورة مَنْ سيصبح رئيس الوزراء، هل سيتختلق بأخلاق علي باطنه كظاهره، حتى وإن إصطدم بعقبات النفوذ والثروة، والجاه والسلطة، فهل سيقول كما قال علي: يا دنيا غري غيري؟ ثم هل ستحملون الفؤوس للبناء؟ أم ستقطعون الرؤوس للفناء؟ فالشعب العراقي دفع ما دفع، وما رأيكم بخطابات المرجعية الدينية حول خدمة الشعب؟ تساؤلات مطروحة على الساحة وقادم الأيام ستجيب.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك