أمل الياسري
قال الأستاذ:كانت عندي طالبة ذكية جداًولم تتأخر يوماً، وبعد فترة وجدتها تتأخر، فسألتها لماذا تتأخري هذه الأيام؟فقالت كان أبي كل يوم صباحاً، يجلسني من النوم ويلاطفني ونفطر معاً، ثم يوصلني الى المدرسة: (أبي يموت علي وأنا أموت عليه فأنا طفلته الوحيدة)، ولكن يا أستاذ، بعد أن ذهب أبي الى الجبهة لقتال الدواعش، لم يعد يأتي إلا في الليل وأنا نائمة، فيضع يده على رأسي، ويسألني كيف حالك في الدراسة يتيمتي،(آستاذ ما معناها فأنا لا أعرف معناها؟).
أستاذ لمَ لم تجبني؟ ثم أكملت عندما أفتح عيناي، أريد أن أحضنه وأقبله، وأقول أني أشتقت إليك كثيراً، لكني لم أره فهو يلعب معي( ختيلان)، فأنهض من نومي وأنادي: (بابا بابا راح أزعل عليك تعال أبوسك مشتاقتلك فلم يجبني) وكنتُ فقط أسمع أمي تبكي وتضعني في حضنها، وأقول لها: هل رأيتِ أبي الآن هو بجانبي؟ هل اغضبتِ أبي قالت أمها: لا بل أنا أيضاً يأتيني حينما أنام، فقلت لها: تعالي لننام معا كي يأتينا أبي!
وفعلا جاءنا أبي ليلاً ولعبنا كثيراً، ولكن هذه المرة إتفقنا أنا وأمي، أن لا نفتح أعيننا كي لايذهب أبي ونفقده مرة أخرى، ولذلك تأخرت يا أستاذي فهل تسامحني؟ الاستاذ:تكسرت العبرة في صدره وكفكف دموعه وقال: بل انتِ سامحيني يا أستاذتي العظيمة وطفلتي الرائعة، لقد سامحتكِ، وتوجه بحديثه لإخوته المعلمين بعد إنتهاء الدرس، فلنكن نحن آباء للأيتام ونبحث عنهم، والعيد على الأبواب، دعوة لنتقرب بها الى الله تعالى، أليس الأولى أن نهتم بهم ونشعرهم بفرحة العيد؟!
طبيعي أن ينشغل الآباء والأمهات هذه الأيام، بالتسوق وشراء هدايا العيد للأولاد، وبين ذهاب سحيق وإياب أنيق، يتسابق الأبناء بتقبيل والدهما وشكرهما، ولكن مَنْ لهولاء الأطفال الأيتام؟ لنتذكرهم أيضاً، فما فعله آباؤهم في الجبهات، جعلنا نتسوق بفرح غامر وآمان عامر، فهناك أصناف من الناس تطربنا أعمالهم، فكيف بالشهداء الذين منحوا حياتنا حياة أخرى؟فيا إخوتي أنتم لاتعرفون الى مَنْ ينظر إلينا ولا ننظر إليهم، إنهم الأيتام مشاعرهم تغلي في كل يوم، فكيف بصباح العيد إذا طلَّ عليهم؟
صور عراقية كثيرة تصل بمدامعك حتى البركان، فتنفجر ألماً، ووجعاً، وحزناً، فما عساك تفعل إلا أن تجتزئ مبلغاً من المال، وتبحث عن أشياء جميلة ورائعة، وترسلها لأيتام الشهداء، خاصة وأن بيوت العراقيين لا تكاد تخلو منهم، فمنذ عام (2003) والأعداد في تزايد مستمر، وهناك كثير منهم مَنْ ينهض متأخراً من نومه، فكيف بك وأنت تجالسه، وتمنحه هدية قبل العيد بأيام، إنها فرحة لا تقدر بثمن، لأنه إبن شهيد لبى النداء لأجلنا،(فالله الله في الأيتام، لاتغبوا أفواههم ولايضيعوا بحضرتكم).
https://telegram.me/buratha