قاسم السلمان
لم تغب العقوبات الأمريكية الأحادية الجانب، عن واجهة الأحداث البارزة على مستوى السياسة العالمية، فما بين مد وجزر وتباين بالموقف الاوربي، أضحى المراهق السياسي ترامب الذي دأب على التلويح بتشديد العقوبات على أيران، قاب قوسين أو أدنى من التفريط بحلفاء الولايات المتحدة الأمريكية من الاوربين.
يعتقد ترامب أنه اللاعب الوحيد على الساحة السياسية العالمية؛ وجميع الأشياء تدار من خلال تصرفاته الصبيانية المدعومة من قبل حكومة نتياهو.
على الخط الآخر او الجبهة المقابلة، اعلنت الصين وروسيا وبعض الدول من ذوات الأقتصاد القوي، موقفها علنا بعدم الأمتثال للقرار الأمريكي؛ واضعة في حساباتها مصالح شعوبها قبل أي مصلحة أخرى .
اما اوربا وشركاتها العاملة في قطاع الطاقة الأيرانية، أنسحبت بين ليلة وضحاها؛ بناءا على القرار الأمريكي بعودة العقوبات على ايران، تاركة توازن المواقف السياسية بين أمريكا وأيران بيد حكوماتها، خصوصا أن بعض هذه الشركات ترتبط بمصالح خاصة من الولايات المتحدة .
لقد أحرجت تلك الشركات حكوماتها مابين التزامها ببنود الأتفاق النووي مع أيران، أو الأنصياع التام لقرار ترامب، حكومات أوربا تعلم علم اليقين ان ترامب مهووس ومتهور؛ وتحاول أن تبين له ذلك من خلال بعض التصريحات "الخجولة " بالمضي قدما في أنجاح الأتفاق النووي المبرم مع أيران من جهة، والمسايره مع ضغوطات الشركات الكبرى من جهة أخرى.
لقد عاد "الأتحاد الأوربي " قبل يومين بالتصدي من جديد لقرار ترامب، بتجديد العقوبات على أيران عبر طرق عديدة، منها تفعيل قانون جديد يسمى (( قانون التعطيل )) والذي يرمي الى حماية الشركات الأوربية، من الآثار الثانوية للعقوبات الأمريكية على أستثماراتها في أيران .
وكان القانون الأوربي المذكور قد أقر عام ١٩٩٦ للألتفاف على العقوبات الأمريكية على كوبا، لكنه لم يستخدم من قبل؛ صرحت مسؤولة السياسة الخارجية في الأتحاد الأوربي فيديريكا مو غيريني في تموز الماضي، بأيجاد آليات تكفل تواصل التعاون مع أيران، من خلال العلاقات التجارية والأقتصادية والمالية، ومجالات الأستثمار والنقل، والسماح لطهران بتصدير الغاز والبترول .
لكن هل سيسمح ترامب بذلك ؟ قطعا سيحاول حفظ ماء وجهه أمام حلفائه الذين يكنون العداء لأيران، "كاسرائيل والسعودية" من جهةٍ، وعدم الدخول في حرب ضريبية مع حلفائه الغربيين من جهة أخرى .
مابين تلك المواقف يبقى اللاعب الرئيسي في هذه الفوضى هو اللاعب الأيراني، وليس كما يتوهم البعض أن اللاعب هو ترامب .
حقيقة أن المواقف يشوبها الغموض والضبابية؛ ولم تفرز المرحله الحالية قرارات صلبة وواضحة من جانب الأتحاد الأوربي؛ بما فيها قانون التعطيل المزمع تنفيذه.
نعتقد أن عقوبات ترامب، ستبقى أحادية؛ ولن يستطيع حصول أجماع دولي عليها؛ وستكون عقوباتها حبرا على ورق، سيتعافى أقتصاد أيران بمجرد تفعيل قانون التعطيل الأوربي .
ما بين ضبابية الموقف الأوربي وصلابة الموقف الأيراني وأدارته ألناجحة على مدى ٤٠ عاما، أعتقد ستفرز المرحلة القادمة، معطيات جديدة قد تغير ملامح القرار الأمريكي، أو أي قرارات قادمة .
https://telegram.me/buratha