امل الياسري
رجل من طراز خاص، لم يُضع فرصة للعمل بنكران الذات، من أجل القيم والعقيدة، فداؤه الأول ليلة منام كبيرة، ليحامي عن إبن عمه ونبيه، ضد شيوخ الجاهلية حيث أرادت قتل النبي المختار (صلواته تعالى عليه)، ووأد دينه الجديد، فالدعوة الإسلامية في بادئ الأمر، لم تلقِ سوى آذاناً صماء وعقول مغلقة، لكن النبي والمقربون الخواص منه لم يعجزوا، وعلقوا عباءاتهم المقدسة، فوق قمم الفضيلة، والمودة، والتسامح، والصبر، ولم يعطِ أحد منهما أذناً صاغية للموت أو الفشل! بعد إستشهاد نبي الرحمة (صلواته تعالى عليه وعلى آله)، أراد المنافقون بإرثهم الفاسد، قطع الصلة بأحداث الغدير، في محاولة بائسة لخلق صياغة جديدة للأمة، فإنبرى أمير المؤمنين ويعسوب الدين، علي بن أبي طالب(عليه السلام)، لتنبيه الأمة وتنزيه الملة، رغم أن فرص الإنتقام كانت سانحة له بمخالفتهم لأمر نبيهم، لكنه إرتاى العزلة والإنعزال رغم أحقيته، فمحنة الإختلاف كانت قد بدأت، ولأن الدولة ببداية عمرها، أجبر النور العلوي نفسه على الصمت، لكنه صمت حكيم وفي الإتجاه الصحيح! تصدع واضح الملامح أصاب الأمة، بعد إستشهاد الإمام علي(عليه السلام)، ليتحول الزمن بعدها، الى فصول أكثر تعقيداً وإختلافاً من السابق، وطواغيت بني أمية بدأت تحيك المؤامرات، للنيل من البيت الهاشمي، حقداً وبغضاً بآل علي، وهوس التفرد بالسلطة، والحقيقة أن مقتل الإمام علي(عليه السلام) في الكوفة، كفيل بهدم أركان الهدى كلها، ويؤذن بإنهيار البناء كله، لكن الإمام المعصوم الحسن(عليه السلام)، أدرك خطورة الموقف، وأعلن الصلح حقناً لدماء المسلمين، فكان تصرفه قد تجاوز عقول المنافقين الخاملة والتافهة! ذات مرة قرأت للشاعر المصري محمد الشحات عبارة:(إن لم تستطع أن ترفض شيئاً تكرهه، فإنزع رأسك وإبحث عن رأس تحمله، كي تصنع أحداثاً ترغب بها)،وحقيقة المقولة تنطبق على أوضاعنا الراهنة، لأننا نمضي بالحياة في بحر من الكلمات، ولساننا لا يعرف مرفأ للصمت والإنتظار، علماً بأنه يمكن العثور على كل شيء، بكتاب الإشاعة الخارجة عن المألوف والقانون، لكن أهل البيت(عليهم السلام)لم ينزعوا رؤوسهم، لكنهم بالصمت كتبوا ملاحم كبيرة، وقادوا ثورات أكبر بدماء طاهرة، فتغيرت ملامح الأمة! كلما زادت الحرية زادت خلافاتنا، وهذا يجعلنا نعترض على كل شيء، حتى وإن كانت عظام أجدادنا المسالمين، التي أمسى ماضيها عبراً، وحاضرها دروساً، ومستقبلها نهجاً، لأنهم أصحاب رسالة عظيمة، وتضحيات أعظم وسط أمواج الطغيان، والفساد، والإرهاب، فلمَ لا نكون مثلهم؟ وهذا يقودني الى الحديث النبوي الشريف:(لاتأتوني بأنسابكم بل أتوني بأفعالكم)، ومن المؤكد أن مَنْ تغلغل في عروقه، دين محمد وأهل بيته الأطهار، لا سبيل لديه إلا الحكمة، والتدبر، والتعقل في كل شيء، وعن أي شي
https://telegram.me/buratha