كاظم الخطيب
حياة الشعوب رهن بماهيتها، وعزة الأوطان رهن بصنف مواطنيها، فلا يمكن أن يرى الحرية شعب قد تعود على السكوت، ولا يمكن أن يتحضر شعب قد ترعرع في أحضان الجهل، كما لا يمكن لأي شعب أن ينال الإستقلال وهو لا يفقه شيئاً عن مبادئ الثائرين.
لا خلاف مطلقا،ً في إن التخندق الطائفي والقومي للأحزاب هو سبب دمار البلد، ولا يجب أن ننسى- أو لا يحق لنا أن ننكر- دورنا السلبي كمواطنين- في دعم هذه الأحزاب، وتمكينها من مقدراتنا، والتربع على عرش عبثية الإدارة في الدولة.
كما لا يحق لنا أن نلوم السياسي الفاسد، ولا البرلماني التابع لقوى خارجية، أو قيادات محلية، ولا أن ننتقد أي دولة عالمية أو إقليمية، ولا حتى دول الجوار حين تتدخل بالشأن السياسي العراقي أو تتحكم في إقتصاد البلد، أو أن تجعل لها موطىء قدم- عسكرياً كان أو غير ذلك - في بقعة ما من الأراضي العراقية.
كوننا شعب لا يملك من الكلام إلا لقلقة اللسان، ولا يعرف من الحرية إلا السباب والشتم، ولا يرى الوطن إلا بقرة حلوب، ولا يعرف من الشهوات إلا البطن والفرج، لذلك باع كثير منا صوته بمائدة من طعام شهي، أو حفل راقص بهي، أو وعد من سياسي كذوب أو بغي .
نعم.. لقد دأب هذا الشعب على تقديس الساسة، أكثر من تقديس الهندوس لأبقارهم، فقد أحاط كل حزب قادته بهالة القداسة والتمجيد، وإستماتوا في الدفاع عنهم، على الرغم من علمهم إن أحدهم لا يساوي شسع نعل ليتيم، ولا يرقى إلى شرف قطرة من دموع أرملة في ليلة باردة وهي تضم أيتامها بين ذراعيها لتحميهم من برد الشتاء وجور السلطان، نحن شعب قد مدَ رقبته ليذبح بيديه؛ فقتل السني الشيعي، وقتل الشيعي السني، وقتل الكردي التركماني، ليس بإرادة ذاتية، بل برغبة حزبية وتحريض خارجي، نحن الملامون، لا حفنة الأوغاد من الساسة الفاسدين، فما تمكنوا إلا من خلالنا، وما تمادوا إلا لكوننا قد سكتنا عن حقنا، إنهم يستمدون القوة من شتاتنا، فإن (من أمن العقوبة أساء الأدب) فما لنا لا نتشبه بالآخرين؟ فنثور على خيبتنا قبل الثورة على حكامنا، ومالنا لا ندكدك الأصنام التي في صدورنا؟ ومالنا لا نلقي بالحزبية تحت أقدامنا؟ ومالنا لا نأبه لمستقبل أبناءنا؟.. نعم لنثور، ولم لا نثور؟ هل ترانا قد وصلنا إلى حال باتت فيه الثورة تستثنينا من حساباتها؟ لما رأته من إستكانتنا ونحن على أعتاب المذابح، وما لمسته من عدم مبالاتنا لأنين الأيتام، ونحيب الأرامل، ونواح الثكالى، وما رأته من تراقص أصابعنا على لوحات مفاتيح (اللاب توب ) وشاشات الهواتف غضباً وسخطاً وشجباً وإستنكاراً، وما أن ينقطع النت حتى نعود إلى حالة السكينة- عفوا الإستكانة- والخنوع وكأن شيئاً لم يكن.
لا بد من وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، فإن حاويات النفايات، وأكوام المزابل، هي المكان المناسب، لكل قاذوراتنا السياسية من الفاسدين، الذين قاموا بتدوير أنفسهم مجددا، تحت مسمىً جديد- الكتلة الأكبر- ليضحكوا بها على لحانا، وليجثموا على صدورنا، وليمارسوا تفاهاتهم من جديد، وليزكموا بها أنوفنا .
ثورة عارمة هي كفيلة بقلب الموازين، والقذف بالفوضى الخلاقة إلى أتون من نار السخط الشعبي، والغضب الجماهيري، حتى يقال بحق إننا شعب قد تسيد نفسه، وجعل المواطن الشريف كل قدسه.
كي نجني لابد أن نزرع، كي نأخذ لابد أن نعطي، كي نحيا لابد أن نثور.
https://telegram.me/buratha