فؤاد الطيب
ضجت وسائل الإعلام العراقية ومواقع التواصل الاجتماعي بالكثير من أخبار ومواقف الشجب والرفض للتدخل الأمريكي بالشأن العراقي , خاصة وان هذا التدخل السافر بات يؤثر بصورة مباشرة على شكل الحكومة العراقية القادمة وهيكلتها ومن يتولى أهم المناصب فيها ابتداء من منصب رئيس رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ونوابه , وانتهاء برئيس البرلمان ونوابه أيضا , تاركين محاصصة الحقائب الوزارية للكتل السياسية .
وتأتي زيارة ماكغورك الأخيرة للعراق , وجلوسه مع رؤساء الكتل السياسية المهمة لتأكيد هذا التدخل وتعزيزه بظهور نتائجه على تبادل وسائل الإعلام العراقية لبعض الأخبار التي تؤشر لاختيار هذا أو ذاك لمنصب معين في الحكومة , والأمر الذي يثير الدهشة هو أن رؤساء الكتل باتوا يتقبلون هذا التدخل الأمريكي وربما يكون للبعض منهم بمثابة النجدة للانتهاء من ملف تشكيل الحكومة وإنهاء كل التفاهمات حولها من قبل ماكغورك بتنصيب من يريد وحسب المصلحة الخاصة وليس العامة بالمناصب السيادية .
ولربما يتسائل الكثير من المراقبين لماذا يسمح قادة الكتل السياسية بمثل هذا التدخل , ولماذا يزحف الكثير منهم إلى دول الجوار لاستيراد قراراته من الخارج ؟ ولماذا تجعلون من القرار العراقي مرتبطا بإرادات خارجية ؟ ألا تكفي المؤتمرات التي عقدت ضد العراق في دول لا تريد إلا مصالحها , والتي بانت نتائجها على الوضع العراقي منذ السقوط حتى الآن .
وأقول هنا إن التدخل الأمريكي وغيره ليس جديدا علينا , وقد بات المواطن العراقي يعي خطورة هكذا تدخلات , وبات يفهم حجم وخطورة الانقلاب على إرادة العراقيين الذين خرجوا رافضين كل أشكال التدخل الماكغوركي وغيره بشأنهم العراقي وجعل الإدارة خارجية وليست داخلية والوقوف بوجه المشروع الأمريكي الذي جاء ليضع بصماته على مستقبل العراق بعد مرور خمسة عشر عاما من الإخفاقات والتراجع والأزمات والترهل الخطير في مستوى الخدمات للحكومات العراقية المتعاقبة والتي جاءت بوصاية أمريكية خليجية منذ السقوط حتى يومنا هذا .
إن الموقف الأمريكي واضح جدا في معالمه , حيث أنهم بمجرد شعورهم باقتراب تشكيل حكومة يرأسها العامري أو الفياض أو أي شخص آخر بعيد عن خارطة المشروع الأمريكي سارعوا للتدخل وفرض الوصاية , وإبداء خطورة الأمر , وعودة التهديد الغير مباشر وعلى لسان البعض من السياسيين , بوقوع حرب أهلية ونشوب الصراعات الطائفية والتهديدات المبطنة التي تدفع بالبعض الآخر بقبول طروحات ماكغورك .
ونحن هنا لا نستطيع أن ننفي المصالح الشخصية لبعض قادة الكتل السياسية في اعتلاء المناصب المهمة , وسعيهم وراء تدخلات خارجية لتحقيق هذا الطموح اللاوطني , فضلا عن مسلسل الطعن ببعضهم البعض وصولا لما يريدون , ولعل صدور قرارا بإقالة الفياض من منصبه لاعتراضه على أجندة ماكغورك جاء ليؤكد صورة الفوضى الإدارية والشكل العام للحكومة القادمة .
ويبقى الموقف الشعبي الرافض لجميع التدخلات هو السائد اليوم على المشهد العراقي , حيث بدء المواطن العراقي يعي ويفهم حجم اللعبة التي تلعبها أمريكا في تحديد الشكل العام للأربع سنوات القادمة , ورغم نفاذ الوقت حيث اقتراب موعد انعقاد الجلسة الأولى للبرلمان الجديد بات وشيكا جدا , إلا أن الرأي العام قد عبر عن موقفه الصريح من تلك التدخلات وكانت له كلمته في هذا الشأن .
https://telegram.me/buratha
