المقالات

تظاهرات البصرة أم التمر والنفط والجوع 

1376 2018-09-05

فؤاد الطيب

كانت ومازالت مدينة البصرة حافلة بغزارة الإنتاج والغذاء والثروات , وهي قبلة الموانئ العراقية التي ترسو على صدرها يوميا السفن المحملة بملايين الأطنان من السلع المختلفة , ويخرج من رحمها سفن البترول وتمور أبي الخصيب , ولكن أهلها مازالوا جياعا يصارعون الفقر والعوز والحاجة اليومية لما يخرج من موانئ بلدتهم إلى البلدان الأخرى , وهم ينظرون بعيون وبطون أشبعتها الكرامة وعزة النفس , إلى تلك الثروات الهائلة التي تخرج من مدينتهم ليتمتع بها غيرها من شعوب المنطقة . 
اشتدت الفاقة , وعاثت أيادي حكومات تعاقبت على حكم العراقيين , بمقدرات أهلها الذين انتهى لديهم زمان الصبر وشد الحزام على البطون , ليخرجوا على غير هدى بثورة صغيرة لا نستطيع أن تكهن بنتائجها ونهايتها وانعكاساتها على باقي المحافظات العراقية . 
ولعل التطورات المتسارعة الأخيرة على أجواء البصرة ربما ستنذر بثورة كبرى بوجه كل أشكال الظلم و الفساد التي تعرض لها أبناء البصرة , ابتداء من انعدام الخدمات بصورة شاملة بمختلف القطاعات التربوية والصحية والتعليمية والعمرانية , وانتهاء بتلوث مياه الشرب وتعرض المئات من أبناءها لحالات التسمم التي لم تستطع حتى مستشفيات المدينة من السيطرة عليها واحتواءها . 
الأغرب من ذلك , صدور البيانات والتصريحات من قبل وزراء ومسئولين كبار في الحكومة بشجب هذه التظاهرات ورفضها واعتبارها تجاوزا على هيبة الدولة وممتلكاتها , دون مناقشة أصل الأزمة وأسبابها , فضلا عن انشغال كافة الكتل السياسية بملفات التحالفات والصراع فيما بينهم على المناصب والوزارات والرئاسات بعيدا عن إيجاد الحلول المناسبة لمعانات أهل البصرة . 
الأدهى من ذلك ظهور وزيرة الصحة عديلة حمود على إحدى الفضائيات لتقول انه لا وجود لحالات تسمم وان المياه الموجودة بالبصرة صالحة للشرب , وقد استقبل العراقيين تصريح عديلة بالتندر والغضب , الأمر الذي زاد من تصعيد الأزمة هو مواجهة الأجهزة الأمنية لتظاهرات المواطنين بالرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع مما تسبب بسقوط شهداء وضحايا وعدد كبير من الجرحى دون أن ينطق احد من المسؤوليين بأحقية أهل البصرة بتوفير الخدمات . 
الحكومة المحلية في البصرة أيضا منشغلة بالصراع على المناصب ولا ندري إلى أين سينتهي بنا هذا الصراع , ولعل الطيش الإداري الذي تعمل وفقه الحكومات المتعاقبة في العراق منذ السقوط حتى الآن , سينتهي بفشل المشروع الشيعي الذي كانوا يحلمون به منذ مئات السنين , وإنهم يرسلون رسالة إلى العالم بأنهم ليسوا رجال دولة وإنهم غير قادرين على بناء أسس صحيحة للنهوض بالعراق من جديد بعد عقود طويلة من الظلم والاستبداد . 
ختاما أقول ان العراق اليوم يمر بمنعطفا جديدا في الحراك الجماهيري , وان هذا الحراك الشامل إن لم تتمكن الحكومة من احتواءه بالصورة الصحيحة والقرارات السليمة التي يمكن لها أن تخرج العراق من تراجعه المخيف على مستوى جميع الملفات الخدمية , فان النتائج ستكون وخيمة , فعلى السياسيين اليوم أن يتخلوا عن مصالحهم الخاصة وان يلتفتوا للعراقيين قبل فوات الأوان .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك