ضياء المحسنتحاول الولايات المتحدة الأمريكية منذ أن أسقطت نظام صدام والى اليوم، المجيء بحكومة على وفق مقاسات تضعها هي بنفسها، لتقوم بعد ذلك هذه الحكومة بتنفيذ ما تطلبه منها دوائر البنتاغون والمخابرات الأمريكية والبيت الأبيض، متخذين نفس الأساليب التي اتبعوها في الدول التي احتلوها سابقا.
هذا التدخل في الشأن الداخلي العراقي مع أنه مخالف للقوانين والأعراف الدولية، لكن الولايات المتحدة تمارسه بفجاجة هذه الأيام، مستخدمة أساليب الترغيب والترهيب (إذا تطلب الأمر) لقبول الفعاليات السياسية التي تعمل بحس وطني بما تريده أمريكا.
هذا الكلام الذي نقوله ليس فيه تجني، بل هو واقع حال لما يفعله مبعوثها الى العراق بريت ماكغورك في لقاءه بالقيادات السنية والكوردية الرافضة لمنطق البلطجة الذي تتبعه هذه الإدارة، في محاولة للمجيء بحكومة تتوافق سياستها مع ما تريد تنفيذه الإدارة الأمريكية في العراق والشرق الأوسط.
أول خطوات من الخطوات التي تحاول هذه الإدارة تنفيذها هي حل الحشد الشعبي، كونه يمثل حجر الأساس في القوة التي تناهض الإدارة الأمريكية في العراق، ويقف بالضد من مشاريعها في العراق والمنطقة، وينسى الأمريكان ومن خلفهم من الأحزاب التي تسير خلفهم أن الحشد الشعبي لم تشكله الحكومة، ولم يكن للأحزاب التي تنادي اليوم بحله أي دور في تشكيله، ذلك لأنه واحد من فيوضات المرجعية الرشيدة في النجف الأشرف، ولولا الحشد الشعبي لكنا رأينا من يحاول اليوم حل الحشد الشعبي، يتسكع في البلد التي جاء منها عام 2003.
ثاني الخطوات التي تحاول الإدارة الأمريكية تنفيذها بأدوات عراقية (أحزاب تسير في فلك الولايات المتحدة وأذنابها في السعودية) هي ضرب الجمهورية الإسلامية، والتي تمثل حجر الأساس في محور المقاومة ضد الإستكبار الأمريكي الصهيوني، وهنا أيضا يأتي دور الحشد الشعبي في إفشال هذه المؤامرة، لأننا جميعا نعلم أن الحشد تشكل عقائديا وليس حزبيا ولا جهويا، وأي مساس بثوابت العقيدة سنجد الحشد الشعبي يقف مدافعا حتى أخر رمق عن هذه الثوابت.
هذا كله لمسناه خلال محاولة تشكيل الكتلة الأكبر في مجلس النواب، عندما تعرضت الكتل السنية لمحاولات تهديد واضحة من قبل المبعوث الأمريكي، بالإضافة الى التهديد السعودي لهذه الأحزاب، في محاولة لجعلها تنظم الى المحور الأمريكي السعودي الذي تشكل في الكويت بعد إنتهاء الإنتخابات، وذهاب قيادات حزبية الى الكويت (كلاً أو منفردين) للتفاهم حول تشكيل الحكومة الجديدة، وكان المحور الأساس في هذه الإجتماعات هو حل الحشد الشعبي والإبتعاد عن محور المقاومة المتمثل بإيران؛ في المقابل كانت هناك وعود من هذه الدول بإعادة إعمار العراق، من خلال دخول الشركات الإستثمارية لهذه الدول بقوة، ومنح قروض ميسرة للعراق.
ينسى الأمريكان ومن خلفهم أذنابهم (العرب والعراقيين) أن العراق يختلف عن باقي الدول في العالم، فمزاج العراقي من نوع خاص، ولأن هؤلاء عاشوا سنوات طويلة في كنف الأجنبي (العراقيين أذناب الأمريكان) فقد نسوا هذا المزاج، فهو لا يبيع شرفه للأجنبي مهما كان.
لم يعد مسموح للأمريكان التدخل في الشأن السياسي العراقي، ومحاولتهم تشكيل حكومة على مقاساتهم، ولن نقول (للبيت رب يحميه) بل نقولها واضحة (سلاحنا نحمله بوجه كل من يقف يحاول تغيير بوصلة التغيير التي تحركت عام 2003.
https://telegram.me/buratha