المقالات

شهادة وفاة حزب الدعوة كُتِبَتْ فمن يتحمل وزر إحيائه؟


عبد الكاظم حسن الجابري
يُعَد حزب الدعوة الإسلامية أول حزب سياسي شيعي رسمي, ومن أوائل الأحزاب الإسلامية في التاريخ الحديث, والذي تأسس عام 1957 – رغم الاختلاف في سنة تأسيسه الفعلية والتي اختلف عليها حتى الدعاة أنفسهم-
صارع حزب الدعوة فترات متعددة مرت في حياته, جعلت منه متغيرا فترة بعد أخرى, كما بدأ أعضاءه شيئا فشيئا تبني أيدلوجيات مختلفة, إلى أن وصل بهم الأمر إلى إصدار كتيب قرار الحذف, والذي قام فيه الدعاة بحذف المجلس الفقهي من هيكلية الحزب -المجلس الفقهي كان بمثابة الضابط لحركة الحزب الشرعية والفقهية من ناحية الحلال والحرام-.
بعد قرار الحذف هذا, اتجه الحزب لأن يكون حزبا عاديا, حاله حال الأحزاب الأخرى الليبرالية والماركسية رغم بقاء التصاق الاسم الإسلامي فيه.
مارس الحزب المعارضة لكنه صار متشظٍ في أصقاع الأرض, بعد أن تصدر المجلس الأعلى للثورة الإسلامية لقيادة المعارضة العراقية الإسلامية بشقيها السياسي والعسكري.
كانت أحداث إسقاط النظام العراق السابق على يد الأمريكان, فرصة لعودة هذه الحزب الكهل والهرم, والذي لا يملك قيادة واضحة, ولا قادة مُلْهِمُون, فجمع الدعاة شتاتهم, واشتركوا في أول انتخابات برلمانية عراقية عام 2005, ولم يحصلوا على غير اثنا عشر مقعدا نيابياً من أصل 141 مقعدا شيعيا, وكان هذا العدد يعتبر انتكاسة كبرى لتاريخ الحزب الأقدم.
لعب الدعاة بدهاء ليحصلوا على رئاسة الوزراء, ويمثلهم إبراهيم الجعفري فيها, وكان لهذا التحول الدراماتيكي تأثيرا كبيرا في إحياء اسم الحزب, وصدارته للعمل السياسي الشيعي والعراقي على حد سواء.
ولأن الحزب الدعوتي عبارة عن فئات متشرذمة وغير متجانسة, فقد صارت قيادته مطمعا لجميع أعضاء الحزب, الذين لا يرون لأحدهم على غيره فضل, فصارالتفرق والتخاصم على أشده بينهم.
نظرا لقلة أعداد عناصر الحزب, ومع صدارتهم لقيادة الدولة, فقد فتح الدعاة الباب للكسب الكمي, فصار الحزب مرتعا للانتهازيين والوصوليين والمتملقين, وأصبح الحزب وكرا للفاسدين, وارتبط اسم الدعوة عند الذائقة الشعبية العراقية بالفساد السياسي والإداري, والفشل الخدماتي.
قاد حزب الدعوة دفة الحكم في العراق منذ سقوط البعث إلى يومنا هذا, واتسمت قيادته بالفشل والتشرذم, وانعدام الخدمات والوظائف, وصار لزاماً على العراق أن يتخلص من تجربة الفشل هذه, والتي استمرت خمسة عشر عاما.
في الانتخابات الأخيرة لعام 2018, دخل الحزب بقائمتين, أحداهما يقودها رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي, والآخرى يقودها رئيس الوزراء السابق نوري المالكي, وكل من القائمتين دخلت في محور من المحاور المتنافسة على رئاسة الوزراء, ولكن الملاحظ الأهم أن القائمتين في محوريهما ليستا بقوة ليتمكنا من أن يحظيا برئاسة الحكومة.
يعلم الدعاة قبل غيرهم, إن ذهاب رئاسة الحكومة من أيديهم تعني موت الحزب سريرياً, ويعلمون أيضا أن الحصول عل الرئاسة أمر صعب جدا, وهاهم يحاولون ويناورون للحصول على منصب الرئاسة.
الحقيقة الواضحة هي إن مسيرة حزب الدعوة مع قيادة العراق فشلت فشلا ذريعاً, ولابد من توقف هذه المسيرة, لعل جهة أخرى تقود البلد وتغير حاله إلى حال حسن.
حزب الدعوة الآن في الرمق الأخير, والعراق والعراقيون لا يحتملون عودته لقيادة العراق, وإن شهادة وفاة هذا الحزب قد كتبت حروفها, وسيتم توقعيها لحظة اختيار رئيس وزراء جديد من حزب آخر, وأن أي حزب أو تيار يحاول أن يميل إلى كفة الدعوة ليسلمهم رئاسة الوزراء –كما حدث في 2006 و2010- سيتحمل وزر أحياء هذا الحزب, وسيكون شريكا له في الفشل والفساد, وعندها لن يغفر له العراقيون ذلك, وسيبوء بسخط ومذمة الناس, الذين عانوا من سوء إدارة الدعوة للحكم.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك