ضياء المحسن
كثيرة هي الخروقات في جسد الدولة العراقية، بدءا من تسمية رئاسة مجلس النواب، وليس إنتهاءا بتسمية رئيس الوزراء ومن قبله رئيس الجمهورية، وذلك بسبب ما اصْطُلِحَ عل تسميته (بالتوافق) وهذا هو الخرق الأول للدستور العراقي، والذي بحثنا فيه كثيرا للعثور على مادة تتحدث عن هذا التوافق الذي أوجدته الكتل السياسية اللاعبة في المشهد العراقي.
الخرق الأخر الذي يمكن تسجيله على العملية السياسية، عدم وجود معارضة حقيقية للحكومة داخل مجلس النواب، فنجد أن جميع الكتل السياسية مشاركة في الحكومة، ومع ذلك تجدها تنتقد عمل الحكومة!
عملية النقد لا يمكن لأحد أن ينكر أهميتها في تقويم العمل، فهي عبارة عن عملية تشخيص للأخطاء التي تحدث أثناء العمل، وكذا في عمل الحكومة، لكننا وفي الدولة العراقية نجد أن عملية النقد هي عبارة عن عملية تسقيط؛ وفي أفضل الأحوال تكون عملية محاكمة للمسؤول الذي لم يستجب لطلبات المستجوب!!
الخرق الثالث هو عدم الإلتزام بالتوقيتات الدستورية التي سنها المشرع العراقي، فها نحن ندخل في الشهر الثاني ومجلس النواب لم يصوت على انتخاب رئيس الجمهورية، وإذا ما افترضنا ان مجلس النواب سيصوت على رئيس الجمهورية هذا الأسبوع، فإن أمام رئيس الجمهورية 15 يوم لتكليف الكتلة الأكبر بتسمية مرشحها لرئاسة الوزراء.
نأتي على الخرق الرابع والأهم من جملة خروقات الدولة العراقية، ألا وهو ترشيح رئيس الوزراء، فرئيس الوزراء المفروض أن يكون مرشح الكتلة الأكبر، لكن كيف يمكن معرفة الكتلة الأكبر، وما هي صلاحيات رئيس الوزراء، هل فعلا أن رئيس الوزراء يستطيع التحكم في عمل وزراءه؟؟؟؟؟
أسئلة كثيرة تجول في أذهاننا لكن دون جواب مقنع، بسبب الإلتفاف على مواد الدستور بحجة التوافق والمشاركة والمصالحة والأبوية وغيرها من التسميات التي نسمعها يوميا، لكن من دون أن يعي قائلها ما يقوله فعلا، فلا رئيس الوزراء مرشح الكتلة الأكبر، ولا نعرف من هي الكتلة الأكبر بسبب التفسيرات المتعددة لها، ولا رئيس الوزراء يمارس صلاحياته بصورة صحيحة؛ إلا في أضيق الحدود والأمثلة على ذلك كثيرة وتملأ مجلدات، ولا يستطيع رئيس الوزراء محاسبة وزير ناهيك عن إقالته إذا لم يقم بواجباته بصورة صحيحة.
بعد كل هذا يأتي السؤال الأهم، ماذا نحتاج لتقويم العملية السياسية في العراق؟
لكي تنجح في عملك يجب ان تلتزم بما وضعته من خطط وتوقيتات لتنفيذ عملك هذا، وهذا ينطبق على عمل الحكومة التي يحكمها الدستور، الذي يعتبر خطة عمل متكاملة لأي حكومة، وإذا ما تم تنفيذ مواد الدستور بصورة صحيحة سنجد جميع العاملين يلتزمون بعملهم بدءا من الموظف الصغير وانتهاءا برئيس الحكومة، بعيدا عن التوافق والمحاصصة وغيرها من المسميات، وأن يقوم مجلس النواب بمراقبة تنفيذ الحكومة لبرنامجها بدقة بعيدا عن التسقيط والترهيب.
https://telegram.me/buratha