أمل الياسري
بين كتابنا وكتابكم، تتجول معاملة مواطن مكونة، من عشرات الأوراق الرسمية التي لا داعي لها، في أروقة غرف المؤسسة الحكومية، التي تجبره على الحضور عند الساعة الثامنة، مع أن دوام الموظفين الفعلي يبدأ الساعة التاسعة، ليخرج صفر اليدين قبيل نهاية الدوام، لأن سيده لم يوقع قائلاً: تعال باجر من وكت!
التكاسل الوظيفي، والروتين القاتل المتماشي مع القوانين، التي اكل عليها الزمن وشرب، وهي لا زالت قائمة، وتواجد المستمسكات الأربعة المبشرات بالجنة، والأخلاق السمجة التي يتعامل الموظف بها مع المراجع، أهم ما يميز موظف اليوم، وكأنه سيد متسلط يوبخ عبيده، رافضاً أسلوب الكلمة الطبية، والعمل الصالح المتقن، لذا حللوا لقمة عيشكم!
إن نشر ثقافة الموظف عامل لدى المواطن وليس سيده، إنما تحمل في طياتها جملة من المؤشرات، التي تؤكد عظمة التعاطي بالأخلاق الحميدة، والمكارم الفاضلة في توطيد العلاقة، بين المؤسسات الحكومية والشعب، لأن الموظف الملتزم أخلاقياً وإنسانياً، إنما يعكس عبارة الرجل المناسب في المكان المناسب، والكلمة الطيبة صدقة، فلنعم أجر العاملين!
يمكن أن نطلق على مؤسساتنا الحكومية، إسم مدن الخطايا ففيها قد نعثر على أشياء، كالنظام، والنزاهة، والقانون، والضوابط، ولكن متى ما شاء الموظف ذلك، فإن كانت المعاملة تحتاج الى أسبوع، فبدون ما ذكر سابقاً، وتحت تأثير المحسوبية، والمنسوبية، والفساد الإداري والأخلاقي، يتم إنجازها في غضون يومين لا أكثر!
إستهلاك وقت المراجع بروتين فارغ لا طائل منه، إنما يعني الإستخفاف بوقت المواطن، الذي قد يترك قوته اليومي من أجل إنجاز معاملته، أو قد يأخذ إجازة بصعوبة من دوامه الرسمي، لأنها تحتاج وقتاً ليس بالقليل، وعليه فالموظف يحتمل أن يراجع مؤسسة حكومية، ويشاهد بأم عينه ما يفعله بالمراجع البسيط، أفلا يتفكرون؟
لعبة الغياب والإجازات، باتت مشكلة تواجه مؤسساتنا، ذلك أن المراجع يحاول الحصول، على توقيع واحد لينجز معاملته، فيتفاجأ بعدم وجود الموظف المختص، بحجج الظروف القاهرة، والوضع الأمني، والإزدحام المروري، كما يرفض الآخرون إكمال التواقيع حتى وإن جاز ذلك، لكن الأمور تسير في صالح من يمتلك وساطة، أو فليحرك جيبه التعيس!
كثير من الهدر قليل من البناء، هذا أقل ما توصف به مؤسساتنا، لأن عدم وجود الوازع الديني، يتقدمها مخافة الخالق عز وجل، ومحاسبة الضمير، وهذا إن كانوا يعرفون حديث الإمام الصادق عليه السلام: (ليس منا من لم يحاسب نفسه) فالمرجعية الرشيدة مطالبة، بالإلتفات الى هذا الجانب عند الموظف، والتأكيد عليه!
دعوة الى كل موظفي الدولة العراقية الحديثة، بأن تذكروا قول إمام الهدى، وأمير المؤمنين: (إجعلوا أنفسكم ميدان عملكم وإبدؤوا بتغيير طباعكم، فالباريء سبحانه وتعالى (لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)، لذا نحن بأمس الحاجة الى ثورة سلوكية بيضاء، في العمل الوظيفي لأن الموظف، عامل يخدم المواطن وليس سيده!
https://telegram.me/buratha