فؤاد الطيب
حالة الفوضى والدمار التي سادت يوم الجمعة في التاسع والعشرون لشهر آب عام 2003 مازالت آثارها ماثلة إلى يومنا هذا , حيث أن اغتيال الشهيد الثالث والستون لأسرة آل الحكيم , لم يكن حدثا عابرا ليمر مرور الكرام على الساحة العراقية والعربية , وهو الحدث الذي استنكره كبار علماء الشيعة والسنة ومختلف الطوائف على السواء معتبرين هذه الجريمة ، محاولة لزرع الفتنة الطائفية وتمزيقا للوحدة الوطنية للعراقيين , حيث كان الشهيد محمد باقر الحكيم رحمه الله , رقما صعبا وعصيا على خصومه في المعادلة العراقية , اذ انه اعتمد سياسة المواجهة السلمية في مرحلة ما, وعلى الصعيد السياسي، فقد دخل الشهيد محمد باقر الحكيم رحمه الله منذ البداية في دائرة الاهتمام , بإيجاد التنظيم السياسي الإسلامي الذي يكفل القدرة على التحرك السياسي المدروس في أوساط الشعب العراقي , والذي كان يئن تحت سيطرة نظام دكتاتوري لا يعرف الرحمة .
ومنذ اللحظات الأولى التي تمكن فيها الشهيد الحكيم من الخروج من العراق عام 1980 توجه نحو تنظيم المواجهة ضد نظام صدام ، وتعبئة كل الطاقات العراقية الموجودة داخل العراق وخارجه من أجل دفعها لتحمل مسؤولياتها في مواجهة هذا النظام , الذي أصدر حكما غيابيا بالإعدام بحق الشهيد محمد باقر الحكيم لمعارضته الشديدة لما كان يعتبره نظاما طاغوتيا .
وكانت حياة الشهيد الحكيم مليئة بالمخاضات الصعبة ، التي أسفرت عن نشاط متواصل وجهود كبيرة أثمرت عن انبثاق تأسيس ( المجلس الأعلى للثورة الإسلامية ) أواخر عام 1982 وانتخب سماحته رئيسا وناطقاً رسمياً له، حيث تولى مهمة إدارة الحركة السياسية للمجلس على الصعيد الميداني والإعلامي وتمثيله , فكانت هذه المؤسسة والتي تسمى اليوم ب ( المجلس الأعلى الإسلامي العراقي ) هي الوعاء الأول لمواجهة النظام الشمولي في العراق آنذاك , والذي تبعه تأسيس ( فيلق بدر) الظافر , فكان الجناح العسكري للمجلس الأعلى , والذي حظي بتأييد وقبول جماهيري واسع من العراقيين منذ تأسيسه حتى الآن , لأنه يمثل النواة الأولى ورمز المقاومة والمعارضة التي وقفت بوجه نظام صدام .
ونحن اليوم على أعتاب الذكرى السنوية أل ( 37 ) لتأسيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي , في ضل قيادته الجديدة والمتمثلة بالدكتور همام حمودي , والقيادات الأخرى التي تعتبر الامتداد التاريخي والسياسي والجهادي للشهيد أل ( 63 ) من أسرة آل الحكيم , محمد باقر الحكيم رحمه الله .
وفي الوقت الذي مازالت هذه القيادات تحظى بتأييد واحترام الجماهير , رغم مرور مؤسسة المجلس الأعلى الإسلامي العراقي بالكثير من المنعطفات الصعبة , إلا أن الدكتور الشيخ همام حمودي قد تمكن من تصحيح الكثير من الانعطافات التي أراد بها خصوم هذه المؤسسة الكبيرة إلى التراجع والانهيار , الدكتور همام حمودي , الذي شغل منصب النائب الأول لرئيس البرلمان العراقي للدورة البرلمانية الماضية , وهو من مواليد عام 1952 , منطقة الكرادة الشرقية .
حصل على بكالوريوس في علم النفس من كلية الآداب جامعة بغداد عام 1975 , كما نال الماجستير بعلم النفس من كلية التربية , وحصل على شهادة الدكتوراه في الاقتصاد الإسلامي , ومن ثم أكمل دراسته في أصول الفقه والفلسفة عام 1993 , وترأس عام 1989 منظمة الدفاع عن حقوق الإنسان في العراق , وفي عام 2003، عين رئيسا لمنظمة النخب والكفاءات العراقية التي تضم كبار الأساتذة والجامعيين العراقيين , وكان له دورا كبيرا بالمشاركة في دورات نظمتها الأمم المتحدة حول دراسة تجارب المصالحة الوطنية وكتابة الدساتير في جنوب أفريقيا وايرلندا الشمالية وماليزيا , حيث ترأس لجنة كتابة الدستور العراقي عام 2005 , وخلالها كان عضوا بالمجلس الوطني العراقي المؤقت .
وفي الوقت الذي أعلنت الهيئة القيادية للمجلس الأعلى الإسلامي العراقي , في ال 30 من شهر تموز 1017 العام الماضي ، اختيار الدكتور همام حمودي زعيما له , دعا أنصاره إلى الاستعداد للانطلاق بمرحلة جديدة ، رافعا فيها شعار ( التصحيح ) والذي تبنى من خلاله تصحيح المشروع السياسي والإداري للموسسة , وإعادة البناء على خطى الشهيد محمد باقر الحكيم رحمه الله , الذي اغتالته أيادي الغدر والخيانة في مدينة النجف الاشرف عند مرقد الإمام أمير المؤمنين عليه السلام .
https://telegram.me/buratha
