إبراهيم الأعاجيبي
إنّ الفلسفة تدخل في كل نظم وقوانين الحياة ونراها تريد أن تُخضِع كل شيء لقوانينها ! فهي تدخلت في علوم الفلك ، التاريخ ، الإقتصاد والدين ، ولكنها إنصدمت بالدين من حيث قوة تغلغلهُ في نفوس الأمم ، فالأمم التي لم يكن لها حظ من دين نراها تلجأ الإوهام والإساطير لعلّها تصل إلى حالة الإنسجام والطُمأنينية والسلام الذي هو أعز ما تنشده الأمم في كل مراحل حياتها.
الدين يحقق لأتباعه الراحة والهناء الذي يعتصرها من إرهاصات الحياة ، فأقبلت الفلسفة لتُشكك في حقيقة هذه الأديان وتجعل الشك طريقاً لليقين ( حسب زعمها ) ، ولكنها إنصدمت بقوة الدين وشدة نفوذه في أعماق معتنقيه وإنهم متمسكين به لا يحيدون عنه ولا يعدلون ! فالعلاقة هي علاقة خصوم أشداء إذن ! فهذا يريد البناء والثبات وهذه تريد الشك والتحليل فربما يصل إلى مرحلة الهدم ! وهذه هي حرب ضروس ولن يخمد لها أوار ، فهل يوجد حلاً وسطاً بين هذين المتنازعين ؟
هنا يجب أن تعترف الفلسفة بقوة هذا الدين وحقيقته وتنزل من برجها العاجي لتنظر ما يحققه الدين في نفوس الشعوب وما يبثه فيها ، وعلى الدين ألاّ يحاربها بحجة إنها تريد هدمه وتقويض أركانه ، بل ليجعلها تدخل إليه فتحلله وتدرسه وترى بعدها صدق مبادئه ودعوته وما يواكب الحياة المتطورة الآخذة بالنمو يوماً بعد آخر ، فالسؤال عسير والعلاقة متشنجة بينهما ولعله لن يتنازل إحدهما إلى خصمه قط !
إذن لا يمكن التخلي عن الدين ولا يمكن أيضاً الإنتقاص من الفلسفة وما تحققهُ من علم وتحليل لماهية الدين فالحل يكمن في الوسطية والإعتدال وهي دعوة لهما معاً .
https://telegram.me/buratha
