طيب العراقي
يبدو أن القوى السياسية العراقية، ومنظومة الدولة العراقية برمتها، أعطت أذنا من طين وأخرى من عجين، لقصة الفيليين العراقيين، التي لم تكتمل فصول مظلوميتهم بعد، فبالرغم من مرور قرابة ستة عشر عاما، على زوال من كنا نعتقد أنه الظالم الأول والأوحد للفيليين، إلا أنه ليس ثمة أمل برفع مظلومية هذا المكون العراقي الأصيل، بل أن المظلومية ما تزال تتفاقم يوما بعد يوم، عن سبق إصرار وتصميم، ولكي لا نذهب بسرد المظلومية شأوا بعيدا، لأنها أمر مسلم به دستوريا، فضلا عن أنها مثبتة لدى المنظمات الدولية رسميا، فإننا ومع بزوغ أمل جديد في تشكيل حكومة عدل وإنصاف، ندرج هنا بعض الملاحظات:
أولا/ أن الفيليين ليسوا أقلية، وكان الذين كتبوا الدستور قد أرتكبوا خطأ فاحشا بحقهم، حينما عدوا الفيليين أقلية، إذ أن عديدهم يتراوح بين 3 ـ 4 مليون مواطن عراقي، ورسميا فهم 3،160 مليون مواطن كما مثبت في ويكوبيديا، نقلا عن إحصاءات الأمم المتحدة، وهم بهذا يشكلون ما نسبته 10% من المواطنين العراقيين، ولذلك فهم مكون وليسوا أٌقلية.
ثانيا / ترتب على ما ورد أعلاه، أنه تم التعامل معهم وفق كوتا نيابية حجمتهم، وعاملتهم بإجحاف كبير بسببها، الأمر الذي منع القوى السياسية من أن تتعاطى معهم ضمن بنيتها التنظيمية، كما أنها أمتنعت عن ترشيحهم الى الأنتخابات والمناصب الحكومية ضمن قوائمها، وبذلك أضيف الى مظلومية وحرمان الفيليين الكبيرين، مظلومية وحرمان إضافيين، عمقا شعورهم بالأقصاء والتهميش الذي بدا متعمدا، حتى من قبل من يرتبط بهم الفيليين قوميا من جهة، ودينيا ومذهبيا من جهة أخرى، وهو ما يمكن تسميته بالظلم المزدوج...
ثالثا/ أن الفيليين يتوفرون على كفاءات أكاديمية وقدرات علمية، ربما يتفوقون فيها على سواهم من باقي المكونات العراقية الكريمة الأخرى، وسبب هذا التفوق، هو أن أبنائهم أنصرفوا خلال سنوات الحرمان والظلم والهجرة والتهجير، الى التحصيل العلمي والأكاديمي، لتعويض الخسائر التي منوا بها، جراء سياسات المصادرة والقمع والتنكيل الصدامية، والتي طالت بالدرجة الأولى الشباب الفيليين، الذين كان جلهم من المثقفين وطلبة الكليات والمعاهد العالية.
رابعا/ أن سنوات الجهاد الطويلة ضد النظام الصدامي، والتي كان الفيليين في طليعة رجالها، كانت مدرسة كبرى لأبناء هذا المكون، في تنمية القدرات العسكرية وألأمنية، وبرز من بينهم قادة مجاهدين لهم مكانتهم العالية، ألتي تؤهلهم لأن يديروا المفاصل الأمنية العراقي بإقتدار ومسؤرولية.
خامسا/ أن مظلومية الفيليين؛ لا تقتصر على عدم تمثيلهم الكافي، في مجلس النواب والمؤسسات الحكومية الأخرى، بل تعداه حتى الى خفض وجودهم في الحشد الشعبي، الذي كانوا في طليعة الملبين فيه لنداء المرجعية الدينية، التي يعرف الجميع مدى إندكاك الفيليين بها.
سادسا/ إننا إذ نشهد بناء حكومة جديدة توحي بوادرها الأولى، بإنها حكومة إنصاف وعدل، فإن مقتضى الحال، أن نجد في تشكيلتها وزيرين من الفيلين على الأقل، وبما يتناسب مع نسبتهم السكانية.
سابعا/ ومقتضى الأنصاف أيضا أن يكون للفيليين، وجود مناسب في قيادة تشكيلات الدولة والحكومة المختلفة.
ثامنا/ الأمر ذاته يفرض نفسه، على وضع الفيليين في الحشد الشعبي، ويتعين أن يكون زجهم بما لا يقل عن ثلاثة ألوية قتالية، تغطى المناطق السكانية التي يتواجدون فيها، وهي كما هو معروف تكتد شرق العراق، إبتداءا من جنوب محافظة السليمانية، وصولا الى تخوم محافظة ميسان الجنوبية.
تاسعا/ أن الطبقة السياسية العراقي، والرئاسات الثلاث، ومجلس النواب اليوم إزاء مسؤولية لا يمكن التهاون بها، واي تغاضي عن إنصاف الفيليين ستكون له نتائجه السيئة وعواقبه الوخيمة.
شكرا..31/10/2018
https://telegram.me/buratha
