كاظم الخطيب
الغباء تلك الآفة الأكول، والفاه الشره، اللذان يتغذيان على خلايا الفهم والإدراك، ويلتهمان مراكز التمييز والإحساس.
تارة يكون الغباء سلوكاً فردياً، ونقصاً مدركياً، ويكون تأثيره محدوداً، بمحدودية مدارك المرء الذي أبتلي به بصورة جلية واضحة ظاهرة.
تارة أخرى يكون الغباء باطنياً، بحيث يخيل لهذا الشخص، بأنه على درجة عالية من الذكاء، وإنه قادر على التمييز بين الأمور بشكل واعٍ ومسؤول، في حين تجده من الغباء لدرجة يصعب فيها الإتفاق معه في النقاش على أمر هو غاية في البداهة، والوضوح.
أزمة العراق مع داعش، أفرزت الكثير من الحقائق التي لا يمكن أن يختلف عليها إثنان، ولا أن ينكرها أحد، فقد إجتاحت فلول داعش المحافظات الغربية من البلاد، حتى وصلت إلى مشارف العاصمة بغداد، بعد تخاذل قادة الجيش، وتآمر بعض الشركاء في العملية السياسية، وتواطؤ الكثير من أبناء تلك المحافظات وإنخراطهم في صفوف داعش.
كان من أهم تلك الحقائق، هي ولادة جيش عقائدي وطني، يتحلى بالشجاعة والإقدام، ولد هذا الجيش من رحم القاعدة الولائية للوطن وللمرجعيات الدينية، وعلى رأسها، مرجعية السيد علي السيستاني، صاحب فتوى الجهاد الكفائي؛ التي دعت إلى قتال الغاصبين من الدواعش.
حقيقة أخرى أفرزتها هذه الأزمة؛ وهي ظهور الجمهورية الإسلامية كحليف إستراتيجي مهم وفاعل بالنسبة للعراق.
وحقيقة ثالثة وهي حالة من التلاحم الحقيقي بين الشعبين العراقي والإيراني، من خلال المشاركة الفاعلة في مواجهة الخطر الداعشي، من خلال الدعم الإيراني.
الحقيقة المؤلمة الرابعة، التي أفرزتها هذه الأزمة، هي وجود جيش من المغفلين، من الذين باهى بهم معاوية بن أبي سفيان- قوم لا يفرقون بين الناقة والجمل- قوم ينادون لحلفائهم( إيران بره بره)، ولأعدائهم( دارك يالأخضر).
قد يأتي من يقول متسائلاً وبكل غباء، كيف تجعل من الأعاجم حلفاءً لك، ومن العرب أعداء؟ وأقول له إن صفة العرب لا تنفي أن يكون العربي عدواً، كما أن صفة الأعجمي لا تثبت أن يكون الأعجمي عدواً، بدليل قتال العرب لنبي الرحمة محمد- صلى الله عليه وآله- وقتال العرب لعلي- عليه السلام، وقتلهم للحسين- عيه السلام، وقتالهم بعضهم بعضاً على مر الدهور، فأي صفة يمكن أن تطلقها عليهم في هذه الأحوال؟ أليس هي صفة العدو؟.
روسيا بلد أعجمي، وكانت حليفاً إستراتيجياً مهماً لسوريا، وكانت إيران والصين كذلك، بينما كانت السعودية ومستنقعات الخليج ومصر- التابعة ذلاً وإمتهاناً لآل سعود- ومرتزقة المغرب والسودان كانوا- وما زالوا- هم ألد أعداء العراق، وسوريا واليمن.
أقول للعبيد الذين يدعون الحرية وللمسوخ الذين يتبجحون بالعروبية، إسلخوا عنكم جلود الأفاعي، وتنبهوا لمصيركم القادم، على أساس قراءة منصفة للتأريخ والذي هو بالأمس القريب..وإسألوا أشلاء إخوانكم، من الذي مزقها بالمفخخات؟ ورقاب أهليكم، من الذي حزها بالحراب؟ وفروج نساءكم، من دنسها بالنكاح؟ وعوائلكم، من الذي هجرها في المخيمات؟.
لابد من الرجوع إلى العقل، والخروج من دائرة الغباء المقنع، والذكاء المصطنع، لابد من أن نجعل العراق- بلدنا- فوق كل الإعتبارات فمصلحة العراق مع من يكون حليفاً له؛ وإن كان أعجمياً، لا مع من يجاهره العداء؛ وإن كان عربياً.
لا يمكن بناء وطن بتصورات الآخرين، كما لا يمكن أن يتحرر شعب بتبعية مشتتة، وولاءآت متنوعة، فلا ولاء إلا للعراق، وما عداه إما حليف أو عدو.
https://telegram.me/buratha