ضياء المحسن
لقد كان شهيد المحراب، آية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم( قدس سره) (1939ـ 2003) دائم التفكير لوضع ما يمكن أن يسمى بمؤسسة للتقريب بين المذاهب الإسلامية، والدعوة الى االوحدة؛ وذلك للرد على بعض ما يكتب عن الشيعة في كتب أهل السنة وبالعكس، والتركيز على المساحات الكثيرة من المشتركات التي تجمع بين الفريقين؛ من هذه المشتركات التي كان دائما مايركز عليها (( أن هناك إسلاما واحدا إنطلق من وحي الله وتحرك في سنة رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأنه مهما كان الإختلاف علينا أن ندرس هذا الواقع ونعمل على إيجاد روحية للحوار بالعودة الى المنهج القرآني الذي دعا إليه أهل الكتاب الى كلمة سواء؛ وأن لا يتحول المذهب الى دين أخر، فما دام العودة لله ورسوله فيما يتنازع المسلمون فلابد من أن نجعل الحوار الجانب النفسي والشعوري، بحيث نهيء روحية الإنسان المسلم الذي يختلف مع أخيه المسلم الأخر في بعض جوانب العقيدة أو الشريعة لكي يتقبل المسلم الأخر ويعترف به.
ويلتفت شهيد المحراب في قراءاته الى ضرورة معالجة التحديات الحضارية التي تواجه المسلمين من خلال "الوحدة الإسلامية" التي وضع أساسها القرآن الكريم، وعالجها أهل البيت عليهم السلام، ويؤكد على دور شيعة أهل البيت في الإنسجام والوحدة مع بقية أطراف المجتمع الإسلامي والمسلمين من بقية المذاهب الإسلامية وأنهم حتى في ممارستهم لمبدأ التقية مثلا فإنهم (( يمارسون التقية مع هذه الطراف تحقيقا للإنسجام ، وترسيخا لروح التعايش بين المسلمين، وتأكيدا للتماسك بين الجماعات الإسلامية)) وأن التقية مع أنها في أحد أبعادها حققت لشيعة اهل البيت الحماية من عمليات القمع فإنها أيضا حققت مايصبو إليه أهل البيت عليهم السلام وهو " تحقيق الوحدة والإنسجام في المجتمع الإسلامي".
ويحدد شهيد المحراب (قدس سره) في هذا بعدين لتحقيق الإنسجام والوحدة، الأول البعد العملي والذي يعني" الإقتداء والتأسي بمسيرة الأنبياء والربانيين والصالحين" والبعد الثاني البعد النظري والذي يحدد معالمه "في الحرية الفكرية والسياسية التي تبنتها نظرية أهل اليت في الوحدة الإسلامية، وكذلك فسح المجال أمام الممارسة السياسية الحرة المقننة والمشروعة على المستوى الإجتماعي، والإتصاف بسعة الصدر في فهم وإحترام أراء العلماء من جميع المذاهب الإسلامية ونظرياتهم ودراستها بشكل موضوعي" وفي هذا فقد دافع شهيد المحراب (قدس سره) عن الوحدة العراقية واعتبرها خطا أحمر لايمكن لأي كائن أن يتجاوز عليه، ومن هذا فقد كان أول المعارضين لأن يكتب دستور العراق بأيدي أجنبية، كما أنه كان يناقش الخطط التفصيلية في عملية الإسراع بأنجاز المرحلة الإنتقالية وتشكيل مؤسسات الدولة، وكل هذا يتم إما عن طريق لقاءات مباشرة مع قيادات المجلس الأعلى، أم من خلال خطب الجمعة ولقاءاته المتكررة مع المواطنين والتي تتلاقفها وسائل الإعلام لتنشرها. لقد كان يؤكد في كل ماتقدم على ضرورة أن يكون مشروع الدستور عراقيا، وأن لا يكون للوجود الأمريكي أي دور في كتابة الدستور، مع ضرورة مشاركة أبناء الشعب بمختلف طوائفهم وإنتماءاتهم في كتابة الدستور وإبداء أراءهم حول طريقة إدارة الحكم في العراق الجديد.
https://telegram.me/buratha