عادل الجبوري
اشارات التحذير والتنبيه التي اطلقها مؤخرا عدد من ائمة وخطباء الجمعة في عدد من المدن العراقية حيال بعض الظواهر والمظاهر اللاخلاقية التي برزت-او تنامت-في الشارع العراقي خلال الاعوام القلائل الماضية تستحق الكثير من الاهتمام، وينبغي ان تجد اذانا صاغية من مختلف الفئات والشرائح الاجتماعية، فضلا عن النخب والفاعليات السياسية والثقافية والفكرية في المجتمع العراقي.
لم تكن اشارات التحذير والتنبيه هذه هي الاولى من نوعها، بل سبقتها اشارات مماثلة من مرجعيات دينية وقيادات وشخصيات سياسية لها حضورها وتأثيرها وثقلها. هذا اضافة الى ان كثير من ابناء المجتمع باتوا يرفعون اصواتهم عالية محذرين ايضا من خطورة الانحدار الاخلاقي في بعض المفاصل.
لايختلف اثنان في ايجابيات النظام الديمقراطي، وفي حسنات الحرية بمختلف جوانبها وعناوينها، وفي اهمية ثورة الاعلام والاتصالات في تنمية الوعي والثقافة وتوسيع دائرة الاطلاع على تجارب وخبرات الشعوب والامم والمجتمعات الاخرى، وفي التقدم والنهوض والارتقاء بالبلد في شتى الجوانب والمجالات.
بيد ان الامر الخطير هو ان يساء استخدام وتوظيف تلك المفاهيم والادوات، لاسيما وانها تمثل سيف ذي حدين.
اذا لم تتحرك الديمقراطية والحرية ضمن فضاءات القيم الاخلاقية والدينية والعادات والتقاليد الاجتماعية فأنها تصبح بمثابة معول هدم وتدمير وتخريب، واذا لم تقنن عملية الاستفادة من ادوات ووسائل ثورة المعلومات والاتصالات فأنها ستكون عبارة عن اسلحة فتاكة تفوق في خطورتها الطائرات والمدافع والدبابات.
من الخطأ جدا ان نقلد مجتمعات اخرى تختلف عن مجتمعاتنا في قيمها الدينية ومنظوماتها الثقافية وضوابطها الاجتماعية، تقليدا اعمى تحت يافطات الديمقراطية والحرية والانفتاح، لنستعير منها التحلل والابتذال والتفسخ الاخلاقي،
لاينبغي ان تقوض الديمقراطية والحرية ومايتعلق بهما من مفاهيم وممارسات وسلوكيات الاسس والقواعد الاخلاقية والقيمية السليمة، ولابد من وجود ضوابط وقيود في الشارع وفي الجامعات والمدراس والاماكن العامة وعلى وسائل الاعلام لاتقوم بمصادرة الحريات العامة بقدر ما تنظمها وتوجهها بالاتجاه الصحيح الذي يعود بالنفع على المجتمع ويجنبه الانزلاق الى مهاوي التحلل والفساد والرذيلة.