ضياء المحسن
منذ سقوط نظام البعث في عام 2003 والمرجعية الدينية تحث الحكومات المتعاقبة على العمل من أجل تحسين الأوضاع الإقتصادية والخدمية لجميع أبناء الشعب العراقي، ولم تألوا جهدا في تقديم النصح والمشورة طيلة الفترة الماضية، لكن المشكلة أن هؤلاء السياسيين لم يكونوا يستمعون لهذه النصائح.
المشكلة التي يعاني منها سياسيوا هذه الفترة أنهم لا يعرفون ماذا يفعلون، ولا يأخذون بالنصائح التي يسمعونها من أطراف أكبر همهم هو أن يكون العراق متجاوزا للمحن التي هو فيها من طائفية وحزبية وكثير من الأمور التي لا حصر لها هنا.
في لقاءه مع ممثل الأمين العام للأمم المتحدة تحدث سماحة المرجع الأعلى بوضوح أكبر هذه المرة، عندما قال بأن الحكومة أمامها مهام كبيرة لتحسن الأوضاع المعيشية، بالإضافة الى محاربة الفساد، وهذا يعني ان المرجعية تشخص الأمور للحكومة الجديدة عليها أن تقوم بمعالجتها.
لا يمكن لأي منصف أن ينكر دور المرجعية الدينية في الحفاظ على النسيج الإجتماعي للشعب العراقي في أكثر من موقف، على سبيل المثال لا الحصر؛ وقفت المرجعية بوجه المحاولات لجر البلد لحرب طائفية عندما قام بعض الإرهابيين بتفجير مرقد الإمامين العسكريين (عليهما السلام) في سامراء، و فتوى الجهاد الكفائي التي عبئت الجماهير للوقوف بوجه الهجمة البربرية الصفراء لداعش وأذنابها في المنطقة، والمدفوعة من قبل الوهابية في السعودية.
كما دأبت المرجعية الدينية بصفتها الأبوية ان تنصح جميع الفعاليات السياسية، بضرورة العمل مجتمعين من أجل تقديم الخدمات والنهوض بالواقع الخدمي المتردي، لكنها عندما شعرت بأنهم لا يسمعون كلامها، امتنعت عن لقائهم بالإضافة الى انها لم تعد توجه النصح لهم، بل توجهت الى الشعب الذي بيده الحل والعقد، حينما قالت بضرورة (عدم تجريب المجرب) في محاولة منها لكشف الفاسدين ومنع وصولهم الى مواقع تنفيذية وتشريعية، لم يقدموا خلالها شيئا للنهوض بالواقع الخدمي والإقتصادي.
لقد أثبتت المرجعية الدينية أنها بحق الممثل الشرعي في الدفاع عن مصالح هذا الشعب بمختلف مشاربه، أمام من يدعون أنهم يريدون خدمة المواطن، وأطلقوا شعارات فارغة لم ولن تصمد طويلا أمام الواقع، عندما تفرغوا لتثبيت المكاسب التي يحصلون عليها طيلة الأعوام الأربعة القادمة، لهذا فهي اليوم تراقب بعين ثاقبة ما تقوم به الحكومة من أعمال ولا نقول مشاريع، ذلك لأنها تحاول في هذا الوقت التهيؤ للإنطلاقة الأولى بعد إكتمال التشكيلة الحكومية، والتي لا تزال تعترض إكمالها مصالح خاصة لهذه الكتلة او تلك، مع أن المفترض أن يقوم رئيس الوزراء بتقديم الكابينة الوزارية الى مجلس النواب، الذي بدوره يوافق على من يراه صالحا؛ ويرفض من لا يجد أنه أهلا لهذه المهمة.
إنطلاقا مما ذكرناه فإن على أعضاء مجلس النواب ورئيس الحكومة الحالية، أن يعلموا جيدا بأن المرجعية في الوقت القادم لن تسكت عما يقومون به؛ فيما إذا لم يكن يصب في مصلحة المواطن، وأنها ستقوم بفضح كل من تجده لا يستحق المنصب الذي تسنمه عن طريق كتلته او حزبه.
https://telegram.me/buratha