طيب العراقي
ثمة خلط كبير بين مفهومي النشاط الحزبي، والنشاط السياسي، مع أنهما يختلفان بالمدخلات والمخرجات إختلافا كبيرا، وإن بدت الصورة على أنهما من سنخية واحدة!
سبب ذلك الخلط؛هو أن كل عمل حزبي، يجب أن أن يتحرك بغطاء سياسي، ولذلك يعتقد كثيرون أن العمل السياسي؛ هو عمل حزبي بالضرورة، لكن الصحيح هو أن العمل السياسي؛ نشاط إنساني أوسع بكثير من العمل الحزبي، وأن العمل الحزبي؛ أحد أوجه العمل السياسي الكثيرة، وإن كان وجهه الأبرز.
لقد أنعكس هذا الخلط بشكل سلبي؛ على قضية مظلومية الأمة الفيلية، وتبارت معظم الأحزاب والقوى السياسية العراقية، لوضع القضية الفيلية ضمن دائرة إهتماماتها، ليس من أجل العمل الجاد؛ لإيجاد حلول منصفة لها، وإن كان ذلك باديا على إستحياء في إعلامها، لكن معظم تلك الأحزاب والقوى، أستغلت آلام الفيليين ومعاناتهم إستغلالا بعشا، وحولتهم الى ورقة سياسية إحتياطية، تستخدمها عندما تعوزها أوراق اللعب.
العمل الحزبي ليس شيطانا يتعين تجنبه، بل على العكس من ذلك، لا يمكن تصور وجود ديمقراطية بدون عمل حزبي، وبالتالي لا يمكن تصور العمل السياسي بدون عمل حزبي، لكننا نتحدث عن العمل الحزبي المبني على أسس سليمة، تهتم بالقضايا المصيرية، على قاعدة تقديم الأهم على المهم.
بسبب وطنية الفيليين المفرطة، وعدم إنكفائهم على أنفسهم، في حزب سياسي عريض مختص بهم، وهذه حسنة تضاف الى محاسنهم الوطنية التي يتشرفون بها، فقد حولت الأحزاب السياسية العراقية، الفيليين العراقيين وقضيتهم، الى خزان أنتخابي، يهرعون اليه في أوقات الأستحقاقات الأنتخابية، وما إن تنتهي الأنتخابات، حتى يدير الساسة ظهورهم الى مظلومية الفيليين، فهي بالنسبة لهم، موضوع يسبب الصداع ويرفع مستوى ضغط الدم، في شرايينهم السياسية!
على قادة الرأي الفيليين، والمستويات المتقدمة من المنخرطين منهم بالحقل السياسي العراقي، أن يحافظوا على حسنة الفيليين التي أشرنا أليها، فهي أحد أهم مصادر وطنيتهم، التي لا تحتاج الى إثبات رعوية، كما تفعل دوائر النظام الحاكم القائم، الذي أستمر على المنهج المقيت لنظام البعث الصدامي، في التعاطي مع الفيليين.
ما دمنا قد توصلنا الى حقيقة؛ أن العمل السياسي لا يمكن إجتزاءه بالعمل الحزبي، وأنه أوسع مدى منه، وأكثر ملائمة لمقاربة القضايا الكبرى، فإن وجود هيئة أو منظمة؛ تعنى بالعمل السياسي الفيلي، دون أن تكون ذات طابع حزبي منغلق، بأت أمرا ضروريا إن لم يكن مطلبا؛ تفرضه ظروف وتطورات القضية الفيلية، التي لا يمكن لحزب سياسي وحده، أو جماعة سياسية بعينها أن تنهض به، نظرا لضخامة حجم المشكلات المتناسلة عن المظلومية الفيلية.
هيئة العمل السياسي الفيلي، يجب أن تشكل وبشكل عاجل، كرديف للمؤسسات الفيلية المقترحة في مقارباتنا السابقة، وأعني بها؛ مجموعة رجال الحوزة الدينية، والمجموعة الحقوقية الفيلية، ومجلس حقوق الأنسان الفيلي، وخلية إدارة الأزمة الفيلية، ومؤسسات المجتمع المدني الفيلية، والهيئة الوطنية لإعمار المناطق الفيلية، وغيرها من مجاميع العمل الفيلي المنظم، وكلها يجب أن تكون بعيدة، عن الأطر الحزبية الضيقة، لكن ليس هناك من مانع؛ لأن ينشط بها منتمين الى أحزاب سياسية عراقية، شريطة أن يضعوا إنتماءاتهم خارج أبواب الهيئة المقترحة.
مجموعة العمل السياسي الفيلي؛ مهمة جدا في مواجهة التحديات، ولرسم خرائط الأستحقاقات السياسية الفيلية، وبدون وجود هكذا مجموعة على أرض الواقع، سنكون كمن يشترك بحرب ضروس بسيف خشبي مكسور.
https://telegram.me/buratha
